والسعي في قطع العلائق الدنيوية، واختيار العزلة التامَّة، وترك التزوّج.
فالبوذيُّون قيَّدوا أنفسهم بأنواع معيَّنةٍ من الأطعمة، وحرَّموا كلَّ شيءٍ غيرها، ولم يلبسوا إلا خشن الثياب، ولم يرضوا إلا مرّ العيش. وقد تركوا كلّ ملذّات الحياة وراءهم ظهريًّا، وسَعَوا في قطع العلاقات الدنيويَّة، واختاروا العزلة التامَّة1.
وغاية البوذيّ من هذا كلِّه “رياضة الإرادة على الحرمان، وتعويدها السيطرة على الرغبة في الملاذّ، لكيلا تشقى بطلبها، ويحزّ فيها الحرمان”2.
ويُقارب معتقد الهندوس في الزهد ما نهجه البوذيَّة في هذا الباب:
فمن التعاليم التي أوجبها (مَنو) على أتباعه: السيطرة على جميع شهواتهم، وعدم أكل اللحم، أو استخدام الطيب3.
وعلى الرجل منهم إذا بلغ خمسين عاماً أن يترك الحياة الدنيويَّة، ويتجه إلى الغابة بصحبة زوجته ـ إن رغبت في ذلك، على ألاّ يقربها ـ، حيث يعيش على الثمار والزهور والخضروات التي تُنبتها الأرض، ويتجنَّب أكل اللحم، ويحرم عليه أكل الغلاَّت التي زُرعت في الحقول. وعليه أن يلبس جلود الغزال، ويُربِّي شعر رأسه، ولا يُقلِّم أظفاره، وينام على الأرض، ويتخذ من أصول الشجر بيتاً. وعليه أن يتحمَّل شدَّة الحرّ؛ فيجلس تحت الشمس المحرقة، ويعيش أيام المطر