ويقصد بالتماثل (?) تأثير الأصوات المجاورة بعضها في بعض تأثراً يؤدي إلى التقارب في الصفة والمخرج، تحقيقاً للانسجام الصوتي، وتيسيراً لعملية النطق، واقتصاداً في الجهد العضلي. والمماثلة شائعة في اللغات كلها بصفة عامة، غير أن اللغات تختلف في نسبة هذا التأثر ونوعه. وللقدماء من أهل اللغة إشارات جلية توضح إدراكهم لهذه الظاهرة وذلك مضمن في ثنايا حديثهم عن الإدغام، وإن لم يطلقوا عليها هذا الاسم. فقد أطلق عليها سيبويه اسم (المضارعة) ويقصد بذلك تقريب الأصوات المجاورة بعضها مع بعض فضارعوا بها أشبه الحروف (?). وأطلق عليها ابن جني اسم (التقريب) أثناء كلامه على الإدغام الأصغر إذ يقول: "والإدغام المألوف المعتاد إنما هو تقريب صوت من صوت" (?). ويطلق عليها ابن يعيش اسم التجنيس أو تقريب الصوت من الصوت (?).
ولم يبتعد المحدثون من أهل اللغة عن تقريرات القدماء لهذه الظاهرة الصوتية وأدرجوها تحت اسم (المماثلة)، وذكروا أن الأصوات اللغوية تتأثر ببعضها في المتصل من الكلام، وهي في هذا التأثر تهدف إلى تحقيق نوع من المماثلة بينها ليزداد مع مجاورتها قربها في الصفات والمخارج. غير أن لهذا المصطلح تسمية أخرى هي (التحييد) كما يطلقها عليه لغوي معاصر ويعرفه بأنه "تداخل أو ذوبان فونيم في فونيم آخر حتى يصير فونيماً واحداً في سياق صوتي معين. أو بعبارة أخرى: إلغاء أو محو فونيم معين نتيجة لتفاعله مع فونيم آخر يختلف معه في ملمح صوتي واحد على الأقل. ويكون الفونيم الجديد الناتج من عملية (التحييد) صورة جديدة أو وسطاً بين الفونيمين المحوَّل عنه والمحوَّل إليه نتيجة عملية المماثلة" (?).