الصاعد، فمثلا: من الممكن ضم القراءات القرآنية المتواترة والشاذَّة، وإعادة الدراسة لبعض الأبواب الصرفية المضطربة، مثل: أبواب الفعل الثلاثي المجرد. فمن المعروف أن أبواب هذا الفعل تتوزع بين الكسر والفتح والضم في كل من الماضي والمضارع دون ضابط صارم. وأكثر الأبواب شيوعًا في اللغة العربية ما كان بفتح العين في الماضي وضمها أو كسرها في المضارع (طبقًا لقاعدة المخالفة). ولكن المتحدث يقف حائرًا- إن لم يرجع إلى المعجم- في كثير من الأحيان، هل يخالف إلى الكسر؟ أو الضم؟.

ومن أمثلة القراءات القرآنية ما يسمح بفتح باب الاختيار في حركة المخالفة، فنكسر أو نضم حسب ما شاع على ألسنة المثقفين، وقَبِلَهُ العُرْفُ اللُّغَوِيُّ الحديث. وقد وردت الأفعال الآتية - وغيرها كثير - بالكسر والضم:

- • {ثُمَّ لَنَنْسُِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا} (?).

- • {فَكُنْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ تَنْكُِصُونَ} (?).

- • {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُِدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ} (?).

- • {لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُِرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا} (?).

- • {فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ أَنْ يَبْطُِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَهُمَا} (?).

- • {عَالِمِ الْغَيْبِ لَا يَعْزُِبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ} (?).

وقد مر قوله تعالى: {وَمَنْ يَقْنُطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ} (?)، ورأى القارئ كيف تعددت اللغات في " قنط" ماضيا ومضارعا، وفتح هذا الباب أمام الدارسين فيه توسعة لهم.

3 - يمكن اتخاذ القراءات القرآنية مرتكزًا لتحقيق التيسير، ودليلاً لتصحيح كثير من العبارات والاستعمالات الشائعة الآن، والتي يتحرج المتشددون من استعمالها. ومن ذلك على سبيل المثال:

أالقراءات القرآنية قد اشتملت على شواهد لغوية سكتت المعاجم عن ذكرها. وربما كان أظهر مثال لذلك قوله تعالى: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} (?)، من الفعل الثلاثي المخفف، فإن معجم التاج قد ذكرها في (ق د ر) أربع مرات مستشهدا على أن "قَدَرَ" بمعنى عَظَّمَ واحْتَرَمَ. ولكن يشيع في لغة العصر الحديث استخدام كلمة: "التَقْدِير" من الفعل المضعف" قَدَّرَ"، بمعنى عظَّم أو احْتَرَمَ. ولكنها لا توجد في المعاجم القديمة بهذا الاستعمال، وعلى الرغم من أن القراءات القرآنية تفيد هذا المعنى وتقوم دليلا عليه، وهي قراءة الحَسَنِ، وعيسى الثَّقَفِيِّ وأبو نوفل وأبو حيوة: {وَمَا قَدَّرُوا اللهَ} بتشديد الدال (?)، قال الزمخشري: "وقرئ بالتشديد على معنى: وَمَا عَظَّمُوهُ كُنْهَ تَعْظِيمِهِ" (?).

ب ضبط الفعل "تَوَفَّى" بالبناء للمعلوم. على الرغم من أن الاستعمال الفصيح هو بناؤه للمجهول فقد جاءت القراءة القرآنية مصححة للنطق الحديث. وذلك في قوله تعالى: {وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015