[التاج: ألق، وولق].
قراءة الجمهور "تَلَقَّوْنَهُ" من التَّلَقِّي، أي يأخذه بَعْضُهُمْ عن بَعْضٍ. قال الزبيدي: "قرأ أبو جعفر: "تَأْلِقُونَهُ" والأَلْقُ بالفتح: الكَذِبُ، تقول: أَلَقَ يَأْلِقُ أَلْقَاً. وقرئ "تَلِقُونَهُ" من "وَلَقَ في السّيرِ أو في الكذِبِ يَلِقُ وَلْقَاً: إذا استمرّ فيهما ... ونقل الفَرّاءُ هذه القِراءة، وقال: هذه حكاية أهلِ اللّغة جاؤوا بالمُتَعدّي شاهِداً على غير المتعدّي (?). قال ابنُ سيدَه: وعندي أنّه أراد إذ تَلِقُونَ فِيهِ فحذَفَ وأوصَل. قال الفرّاءُ: وهو الوَلْق في الكذِب بمنزلِة إذا استمرَّ في السَّير والكذِب".
[التاج: ألق، وولق].
إذن فالكلمة الواحدة قد قرئت بثلاث قراءات كل منها يعود إلى أصل بعيد عن الآخر تماما وإن تقاربت الصيغة، كما يلي:
الأولى: "تَلَقَّوْنَهُ" وهي من التلقي أي الأخذ والتلقف، وفيها إشعار بسرعة النقل. والثانية: "تَلِقُونَهُ" من الوَلْقِ وهو السرعة، والمعنى: تسرعون في نقل الإفك، وقد حافظت القراءة على رسم المصحف الإمام، كما تضمنت معنى وجيها. والثالثة: "تَأْلِقُونَهُ" من أَلَقَ: استمر في الكذب، وهي إن ناسبت معنى فقد خالفت رسم المصحف.
قال الطبرى:" القراءة التي لا أستجيز غيرها: "إِذْ تَلَقَّوْنَهُ" على ما ذكرت من قراءة الأمصار، لإجماع الحجة من القرّاء عليها" (?). ومعناها عنده: تَرْوُونه بعضكم عن بعض.
وقال السمين:" "تَلِقُوْنَهُ" بفتحِ التاءِ وكسرِ اللامِ وضَمِّ القافِ مِنْ وَلَقَ الرجلُ إذا كَذِبَ. قال ابن سيده: جاؤوا بالمعتدي شاهداً على غير المتعدي. وعندى أنه أراد (تَلِقُوْن فيه) فحذف الحرف ووصل الفعلُ للضمير. يعني أنهم جاؤوا بـ "تَلِقُوْنه" وهو متعدٍ مُفَسَّراً بـ "تُكذِّبون" وهو غيرُ متعد ثم حَمَّله ما ذكر. وقال الطبري وغيره: "إن هذه اللفظةَ مأخوذةٌ من الوَلْقِ وهو الإِسراعُ بالشيءِ بعد الشيءِ كعَدْوٍ في إثْرِ عَدْوٍ وكلامٍ في إثرِ كلامٍ يُقال: وَلَقَ في سَيْرِه أي: أسرع" (?).