العزيز "فَصُرْهُنَّ إلَيْكَ" أي وَجِّهْهُنّ، وهي قراءَةُ عليٍّ وابنِ عبَّاسٍ وأكثرِ الناسِ. وذَكَرَهُ ابن سيده في الياءِ أيضاً؛ لأنّ صُرْتُ وصِرْتُ لغتان.
وصارَ الشَّيْءَ يَصُورُه صَوْراً: قَطَعَه وفَصَّلَه صُورَةً صُورَةً ومنه: صارَ الحاكِمُ الحُكْمَ، إذا قَطَعَه وحَكَم به ... قلْت: وبه فَسَّر بعضٌ هذه الآيةَ. قال الجَوْهَرِيّ: فَمَن قال هذا جَعَلَ في الآية تَقْدِيماً وتأْخيراً كأَنه قال: خُذْ إليكَ أربعةً فصُرْهُنّ. قال اللِّحْيَانيّ: قال بعضُهم: معنَى صُرْهُنّ: وَجِّهْهُنَّ ومعنَى صِرْهُنّ: قَطِّعْهُنّ وشَقِّقْهُنّ. والمعروف أنّهما لُغَتَان بمعنىً واحدٍ وكلُّهم فسَّرُوا فصُرْهُنّ.
أمِلْهُنّ والكسْرُ فُسِّر بمعنىَ قَطِّعْهُنّ. قال الزَّجّاجُ: ومن قرأ: "فصِرْهُنَّ" إليكَ بالكسر ففيه قولان: أحدُهما أنه بمعنَى صُرْهُنّ يقال: صارَه يَصُورُه ويَصيرُه إذا أماله لُغتان. وقال المصنّف في البصائر: وقال بعضُهم: "صُرَّهُنَّ" بضمّ الصّادِ وتشديد الراءِ وفتحها من الصَّرّ أي الشَّدّ قال: وقُرِئَ "فَصِرَّهُنَّ" بكسر الصاد وفتح الراءِ المشددة من الصَّريرِ أي الصوت أي صِحْ بِهِنَّ. [التاج: صرر].
ويتحصل من كلامه أن في معنى "صرهن" وجوها هي (?):
الأول: أنها بضم الصاد وكسرها لغتان "صُِرْهُنَّ"، وهي من صار يصور ويصير، والمعنى: وَجِّهْهُنّ.
الثاني: أنها بالضم "صُرْهُنَّ" من يصور، بمعنى: وَجِّهْهُنّ، وبالكسر من يصير، بمعنى: قَطِّعْهُنّ وشَقِّقْهُنّ.
الثالث: أنها في قراءة "صُرَّهُنّ" من صَرَّ يَصُرُّ صَرَّاً: ربط وشد، بمعنى: شدهن واربطهن.
الرابع: أنها في قراءة "فصِرَّهُنّ" من صَرَّ يَصِرُّ صَرِيرَاً، بمعنى: صِحْ بِهِنَّ.
ويزيد القرطبي وجها خامسا على قراءة لم يذكرها الزبيدي فيقول: " "صَرِّهِنَّ" (?) بفتح الصاد وشد الراء مكسورة، حكاها المهدوي وغيره عن عكرمة بمعنى فاحْبِسْهُنَّ، من قولهم: صَرَى يَصْرَى إذا حبس، ومنه الشاة المصراة" (?).