يذكر الزبيدي أن الذل بضم الذال وكسرها لغتان في المصدر، حيث قرأ الجمهور بالضم، وقرأ عصم مع آخرين بالكسر. ولكن هناك من فرق بين البنائين قال الرَّاغِبُ: الذُّلُّ ما كانَ عن قَهْرٍ، والذِّلُّ ما كانَ بعدَ تَصَعُّبٍ وشِماسٍ (?). ومعنَى الآية: أي لِنْ كالمَقْهُورِ لهما وعَلى قراءَةِ الكسرِ: لِنْ وانْقَدْ لهما ". [التاج: ذلل]
ومن كلامه يتضح أن في الفرق بينهما وجوها:
الأول: أنهما لغتان في المصدر، والمعنى واحد هو: الرِّفْقُ والرَّحْمَةُ.
الثاني: أن الكسرَ عَلى أنَّهُ مَصْدَرُ الذَّلُولِ.
الثالث: أن الذُّلَّ ما كانَ عن قَهْرٍ، والذِّلَّ ما كانَ بعدَ تَصَعُّبٍ وشِماسٍ.
وقد عرض الطبري لهذا الفرق فقال: "والذُّلُّ بضم الذال والذِّلَّة مصدران من الذليل، وذلك أن يتذلل، وليس بذليل في الخلقة من قول القائل: قد ذَلَلت لك أذلّ ذلة وذلا، وذلك نظير القُلّ والقِلَّة، إذا أسقطت الهاء ضمت الذال من الذُّلّ والقاف من القُلّ، وإذا أثبتت الهاء كُسِرت الذال من الذِّلة، والقاف من القِلَّة ... وأما الذِّل بكسر الذال وإسقاط الهاء فإنه مصدر من الذَّلول من قولهم: دابة ذَلول: بَيِّنَةَ الذِّلِّ، وذلك إذا كانت لينة غير صعبة" (?).
وقد عبر كل من أبي حيان (?) والألوسي عن هذا المعنى بعبارة متقاربة فقال الألوسي: "وقرأ سعيد بن جبير "الذِّلِ" بكسر الذال وهو الانقياد وأصله في الدواب، والنعت منه ذَلُول، وأما الذُّلُّ بالضم فأصله في الإنسان، وهو ضد العز والنعت منه ذليلاً" (?).
وقال ابن عاشور: "وفي بعض التّفاسير: الذُّلُّ بضم الذال ضد العزّ، وبكسر الذِّالُّ ضِدُّ الصُّعُوبَةِ (?)، ولا يعرف لهذه التفرقة سند في اللغة" (?).
ومما ورد من (فَعَال) و (فُعَال) بفتح الفاء وضمها:
• (فُوَاقٍ) (?): قراءة في قوله تعالى: {مَا لَهَا مِنْ فَوَاقٍ} (?). [التاج: فوق].