• (فَحَاسُوا) (?): قراءة في قوله تعالى: {فَجَاسُوا خِلالَ الدِّيارِ} (?).
[التاج: جوس وحوس].
قراءة الجمهور "فَجَاسُوا" بالجيم المعجمة، والجَوْسُ: التَّرَدُّدُ خِلالَ الدُّورِ والبُيوتِ في الغارَةِ. وقرئ "فَحَاسُوا" بالحاء المهملة، والقراءتان سواء في المعنى. قال الفرَّاءُ: قَتَلُوكُمْ بينَ بيوتِكُم، قال: وجَاسُوا وحَاسُوا بمعنىً واحِدٍ: يَذهبونَ ويَجيئون (?).
ولا فرق بين القراءتين إلا في التخالف بين صوتي: الجيم والحاء. مما دفع عالما كالزركشي أن يجعل القراءة من باب البدل فقال:" من كلامهم إبدال الحروف وإقامة بعضها مقام بعض يقولون مدحه ومدهه، وهو كثير ألف فيه المصنفون وجعل منه ابن فارس قوله تعالى: {فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ} (?) فقال فالراء واللام متعاقبان كما تقول العرب: فلق الصبح وفرقه. قال: وذكر عن الخليل ولم أسمعه سماعا، أنه قال في قوله تعالى: {فَجَاسُوا خِلالَ الدِّيَارِ} إنما أراد "فَحَاسُوا" فقامت الجيم مقام الحاء. قال ابن فارس: وما أحسب الخليل قال هذا ولا أحقه عنه. قلت ذكر ابن جني في المحتسب أنها قراءة أبي السَّمَّال، وقال: "قال أبو زيد أو غيره قلت له: إنما هو "فَجَاسُوا" فقال: حَاسُوا وجَاسُوا واحد. وهذا يدل على أن بعض القراء يتخير بلا رواية ولذلك نظائر" (?).
وهذا الذي قاله ابن جني غير مستقيم، ولا يحل لأحد أن يقرأ إلا بالرواية وقوله إنهما بمعنى واحد، لا يوجب القراءة بغير الرواية كما ظنه أبو الفتح، وقائل ذلك والقارئ به هو أبو السوار الغنوي لا أبو السَّمَّال فاعلم ذلك، كذلك أسنده الحافظ أبو عمرو الداني فقال: حدثنا المازني قال سألت أبا السوار الغنوي فقرأ "فحاسوا" بالحاء غير الجيم، فقلت إنما هو "فجاسوا" قال: حاسوا وجاسوا