يُوسُفَ عَلَيْهِ السّلامُ عن نفْسه: "وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ" مُثلَّثَةَ الآخر، قال الزّجّاج: وأَكثَرُها هَيْتَ لَكَ، بفتح الهاءِ والتّاءِ، وقد يُكْسَر أَوّلُه، رُوى ذلك عن عليّ - رضي الله عنه -، أَي هَلُمَّ، ورويت عن ابنِ عباس رضي الله عنهما "هِئْتُ لك" بالهَمْزِ وكسرِ الهاءِ من الهيْئة، كأَنّها قالت: تَهَيّأْت لكَ، قال: فأَمّا الفتحُ من هَيْتَ؛ فلأَنّها بمنزلةِ الأَصْواتِ، ليس لها فِعْلٌ يَتصرّفُ منها، وفُتِحتِ التَّاءُ لسكونِهَا وسكون الياء، واختِيرَ الفتْحُ لأَنّ قبلَها ياء، كما فَعلُوا في (أَيْنَ)، ومن كسر التَّاءَ فلأَنَّ أَصلَ التقاءِ السّاكِنيْنِ حركة الكَسْرِ، ومن قال: هَيْتُ، ضمَّها؛ لأَنَّهَا في مَعْنَى الغايَات، كأَنها قالت: دُعائِي لك، فلما حُذِفَت الإِضافةُ، وتضَمَّنَت هَيْتُ معناها بُنِيَتْ على الضَّمِّ، كما بُنِيتْ حَيثُ، وقراءَةُ عليّ - رضي الله عنه - "هِيتُ لَكَ" بمنزلة هَيْتُ لك، والحُجّة فيهما واحدة. وقال الفرّاءُ (?) في "هيْتَ لكَ" يقال: إِنهَا لغةُ حَوْرانَ، سَقطَتْ إِلى مَكَّةَ، فتَكلَّموا بِهَا، قال: وأَهلُ المدينةِ يَقرَؤُون: "هِيتَ لَك"، يكسرون الهَاءَ ولا يَهْمزون قال: وذُكِرَ عن علي وابنِ عبّاسٍ أَنهما قرآ: "هِئْتُ لكَ:، يرادُ به في المَعْنَى تَهيَّأْتُ لك ... وروى الأَزهَرِيّ عن أَبي زيد قال: "هَيْتَ لَكَ" بالعِبْرَانية "هَيْتَا لَجْ" أَي: تعال أَعرَبَه القرآنُ ... وقد أَوْضح البَيضاويّ (?) قراءَاتِ الكلمةِ ومَن قرَأَ بها، وحقّق ذلك العَلاّمة ابنُ الجَزَريّ في نَشْرِ (?)، وأَشار إِلى بعضِهَا أَبو عليّ الفارِسِيّ في الحُجَّة (?)، وغلَّطَ بعضَها، وأَوَّلَ البعضَ، وأَوْصَلوا القراءَاتِ إِلى سَبْعٍ، وصَرّحوا بأَنّها كُلَّها لُغاتٌ. واختَلفَ أَهلُ الغريبِ في هذه الكِلمَة: هل هي عرِبِيَّةٌ أَو مُعرَّبة؟ وهل مَعْناها تَعالَ كما جَزَم به الفرّاءُ والكِسَائِيّ وغيرهما؟ وقالوا: هي لغةُ الحجازِ ولذلك قال مُجاهِدٌ: هي كلمَةُ حَثٍّ وإِقبَالٍ أَو غير ذلك؟ وهلْ هي اسمٌ أَو فِعْلٌ؟ أَو هي علَى أَنْحاءٍ كثيرة: منها ما هو في السَّبْعَةِ ومنها مَالاً وأَشار أَبو حيّان - في بَحْرِه (?) - إِلى أَنه لا يَبْعُد أَن تكون مُشْتَقَّةً من اسم". [التاج: هيت].

وكلام الزبيدي فيه دلالة واضحة على تعدد صور هذه الكلمة، وتعدد مذاهب اللغويين في نطقها، مما يقوم حجة قوية على عدم عربيتها؛ لأنه غالبا ما تقترن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015