في هذه المادة يذكر الزبيدي خمسة صيغ للفعل (بان) وهي: بَانَ وبَيَّنَ وتَبَيَّنَ وأَبَانَ واسْتَبَانَ وكلها لازمة ومتعدية. وجاءت القراءة في قوله تعالى: {آيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ} شاهدا على تعدي الفعل (بَيَّنَ) ولزومه، حيث وردت القراءة بكسر الياء وتشديدها، بمعنى مُتَبَيِّنَات، فهي اسم فاعل، والفعل على هذا المعنى لازم، ومن قرأ بفتح الياء "مُبَيَّنَاتٍ"، فالمعنى: أن الله بَيَّنَهَا، فهي اسم مفعول، والفعل على هذا المعنى متعد.
قال الفراء: " قرأ يحيى بن وثّاب (مُبَيِّنَاتٍ) بالكسر. والناس بعد (مُبَيَّنَاتٍ) بفتح الياء ... فمن قال (مُبَيَّنَاتٍ) جعل الفعل واقعا عليهنّ، وقد بيّنهن الله وأوضحهنّ (ومُبَيِّنَاتٍ): هاديات واضحات" (?).
وقال أبو زرعة: " قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو وأبو بكر "آياتٍ مُبَيَّنَاتٍ" بفتح الياء أي لا لبس فيها، وحجتهم قوله: {قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ} (?) والفعل مسند إلى الله، فهي الآن مُبَيَّنَاتٍ بدلالة ما في التنزيل على صحة وجه إخراجهن مفعولات. وقرأ أهل الشام والكوفة غير أبي بكر:"مُبَيِّنَاتٍ" بالكسر المعنى: بَيَّنَّ لكم الحلالَ من الحرامِ فهن الفاعلات، وحجتهم قوله: {يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ} (?) فأسند التبيين إلى السورة، فكذلك قوله: {آيات مُبَيِّنَاتٍ} فأسندوا التبيين إلى الآيات " (?).
ومن هذا القبيل استشهد الزبيدي بقوله تعالى: {إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} (?) أي ظاهرة مُتَبَيِّنَةٌ، فهي اسم فاعل من (بَيَّنَ) المشدد، وقد قرئت "مُبَيَّنَةٍ" (?) بالفتح، على أنها اسم مفعول. قال ابن عطية: "وهذه القراءات كلها لغات فصيحة يقال بَيَّنَ الشيء وأَبَانَ إذا ظهر وبَانَ الشيء وبَيَّنْتُهُ" (?).
وقال الزمخشري:" "مُبَيَّناتٍ" هي الآيات التي بُيِّنَتْ في هذه السورة وأُوضِحَتْ في معاني الأحكام والحدود. ويجوز أن يكون الأصل مُبَيَّنَاً فيها فاتسع