ولم يكتف النبي صلى الله عليه وسلم بما ذكر في تعظيم الدماء، وبيان خطرها، بل أكد حرمتها، وغرس في النفوس إجلالها وتعظيمها، بمقارنتها بما أجمع المسلمون على إجلاله وتعظيمه، وهو البلد الحرام والشهر الحرام، وكان ذلك في يوم مشهود، ومكان مبارك، ومجمع عظيم، شهده ما يزيد على مائة ألف مسلم، حين خطب الناس يوم النحر بمنىً في حجة الوداع.
ففي الصحيحين عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع: «ألا أي شهر تعلمونه أعظم حُرمة؟ قالوا: ألا شهرنا هذا، قال: ألا أي بلد تعلمونه أعظم حرمة؟ قالوا: ألا بلدنا هذا، قال: ألا أي يوم تعلمونه أعظم حرمة؟ قالوا: ألا يومنا هذا، قال: فإن الله تبارك وتعالى قد حرّم عليكم دماءكم وأموالكم وأعراضكم إلا بحقها كحرْمة يومكم هذا، في بلدكم هذا، في شهركم هذا، ألا هل بلغت ثلاثًا؟ كل ذلك يجيبونه: ألا نعم، قال: ويحكم، أو ويلكم! لا ترجعنّ بعدي كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض» . (?)
بل لقد دلت السنة النبوية على أن التعدي على الحيوان بإزهاق روحه ظلمًا وعدوانًا، جريمة يستحق فاعلها دخول النار.