وهذا يشمل كل علم يتوقف عليه القيام بالواجب أو ترك المحرم، فتعلمه فرض عين على كل مسلم مكلف، أما ما زاد على ذلك من العلوم الشرعية أو الدنيوية التي تحتاجها الأمة، فهذه تعلمها فرض كفاية، إذا قام بها من يكفي من سائر أمة الإسلام، وسدت بهم حاجة الأمة، فقد حصل المقصود، وأدي الواجب، وسقط الإثم عن الباقين، وإن أطبقت الأمة كلها على تركه، أو تصدى له من لا تحصل بهم الكفاية، أثمت الأمة كلها، الرجال والنساء، القادرون وغير القادرين، أما القادر فيأثم لعدم قيامه به ومباشرته له مع قدرته عليه، وأما غير القادر فواجبه أن يحض القادرين على القيام بما أوجبه الله عز وجل، وإن كان إثم القادر أعظم من إثم غيره، لكنهم جميعًا آثمون، وهذا هو الشأن في جميع فروض الكفايات.
ولأجل هذا حث الله تعالى على طلب العلم النافع والاستكثار منه، وأثنى على العلماء، وبين عظيم فضلهم ورفعة مكانتهم، وأنه لا يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون، ووردت كذلك أحاديث كثيرة تبين فضل العلم والعلماء، وأنهم ورثة الأنبياء في معرفة الحق والعمل به، وفي حمل هذا الدين وتبليغه للعالمين، وهي آيات وأحاديث معلومة فلا نطيل بذكرها.