عن ذلك بما فتنوا به، وحين اختلطوا بالحواضر وامتزجوا بأهل المدن، فسرى إليهم من عدواهم. فانتقم الله منهم لذلك بما صار عليهم من الدمار والنكال. ونسأل الله لنا ولهم العافية من ذلك.

242 - وصل سعود بجيوشه إلى الجوف ثم إلى بصري، وحوران فأصبح على حدود الشام، أغنى ولايات الدولة العثمانية، وقويت شوكة الأمير محمد على باشا في مصر، واشتهر صيته في الإصلاح والعمران. وهو رجل طموح إلى العلى لا يرضى إلا به، فماذا عليه لو نادى بنفسه ملكا على مصر، وكل المصريين يحبونه يسمعون له ويطيعون، وقد أصبح عنده جيش لا يستهان به؟ ثم ماذا يكون حال الدولة بعد هذه الكوارث: الحرمان الشريفان ضاعا بيد الوهابيين، والشام على وشك الضياع، ومصر كذلك؟ وأوروبا تنظر إلى محمد علي باشا، وقيامه ببناء هذه الدولة المصرية العظيمة بعين الحقد والخوف، أن يؤول ذلك إلى دولة إسلامية ضخمة ترجع إلى الإسلام مجده، وتخيب آمالهم التي كانوا يبنون قصورها من أنقاض الدولة العثمانية الظاهر وهنها وتحللها وفساد أمرها. فقاموا ينصحون للدولة أن تصدر أمرها إلى الأمير محمد على أن يذهب بجيوشه لحر ب الوهابيين، فتكون قد أصابت عصفورين بحجر واحد. وإما أن لا يظفر أحدهما بالآخر، فتبقى أمام عدو واحد. وإما أن لا يظفر أحدهما بصاحبه، فيكون ذلك إنهاكا لقواهما جميعاً، وشغلا لهما عنها، حتى تتفرغ لكليهما ولو بعد حين.

243 - انتهزها محمد على باشا فرصة لتوسيع سلطانه ومد جناحيه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015