الجليل محمد بن سعود، وعلى هذه الدعوة المنسوبة إليهما والمنسوبان إليها، مهما كلفهم ذلك من مال ورجال، ومهما كان من نتائج ذلك وعواقبه من صلاح في البلاد أو فساد.
186 - لكن دعوة الشيخ صمدت أمام هذه الجموع الحاشدة المتكاثرة من الخصوم الأشداء. بفضل بساطة هذه الدعوة، وسرعة وصولها إلى القلوب، لأنها لم تكن قلوبا قاسية بالفلسفات والعلوم الجافة التي كانت منتشرة في غير نجد من البلاد التي كثرت فيها المدارس والتعليم على غير النهج الإسلامي الصحيح، وبفضل تفاني آل سعود: محمد، ومشاري، وثنيان، وفرحان أولاد سعود، وعبد الله وعبد العزيز ابنا محمد، وسعود بن عبد العزيز بن محمد، وأنصارهم وأتباعهم.
187 - فلقد كان لإخلاص هؤلاء الأمجاد، وشجاعتهم وثباتهم، وسياستهم الحكيمة. أطيب الأثر في ظفر هذه الدعوة أو لا ثم امتداد سلطانها، وثباتها وتوطد دعائمها، حتى لم تستطع أحداث الحروب، وما زلزلت به نجد، وأهلها من غارات الترك وأشياعهم أعوانهم-: أن تجتث شجرتها الطيبة من الجذور، وأن تأتى على بنيانها العالي من القواعد.
188 - فإنها وأن استطاعت أن تضعف من صوتها حيناً من الدهر وأن تطوى من سلطانها أياما إلا أنها تقدر بكل ما فعلت من ضروب الجور والعسف والظلم، وإحراق الدور، وهدم القصور، وسفك دماء من أعطتهم الأمان غدراً وخيانة. لم تقدر بكل هذا الإرهاب أن تميت دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، لأنها دعوة الحق والإصلاح والعمران