168 - فما كاد خبر هذه البيعة يصل إلى مسامعهم حتى بادروا إلى الدرعية، ووفدوا من كل البلاد والنواحي يحتمون براية ابن سعود وسيفه، ويكرعون من علم الشيخ ويزدادون من هداية الله ورحمته.
169 - عضَّ ابن معمر يده ندما على ما ضيع من فرصة هذا الشيخ الذي تحل البركة أين يكون، إذ سمع ما آل إليه أمر الدرعية من العظمة؛ فبادر في وفد من صحبه يستغفر الشيخ من زلته ويرجوه أن يعود إلى بلده العيينة. ويعطيه العهد والميثاق أن ينصره وينصر دعوته بكل ما يملك من نفس وولد ومال.
170 - فقال الشيخ له: ليس هذا إليََّ، إنما هو إلى محمد بن سعود. فإن أذن ذهبت معك، وأن أبى إلا أن أقيم عنده أقمت. ولا أستبدل برجل تلقاني بالقبول والمعاهدة على نصرة التوحيد رجلا أخرجني من بلده.
171 - فأتى عثمان إلى الأمير محمد، وأخذ يستعطفه؛ ويلحُّ في الاستعطاف أن يأذن برجوع الشيخ إلى العيينة. فأبى عليه ابن سعود كل الإباء. وكيف يرضى ذلك وقد أخذ على الشيخ العهد أن المحيا محياهم والممات مماتهم؟ فرجع ابن معمر كاسف البال حزينا.
172 - كان شأن أهل الدرعية كغيرهم في الجهالة أو أشد، لا يعرفون من الدين إلا ما هو شائع عند الجمهور والدهماء في نجد وغيرها، فشمر الشيخ عن ساعد الجد في تعليمهم أولا أصول الإسلام من التوحيد الصحيح الذي بعث الله به رسله والتسليم لشرع الله وحكمه بالطاعة والإتباع في أعمال