ما أنعم عليهم بصفة ربوبيته، فإنه ربهم وحده باعتقادهم وفي الواقع، فالواجب أن يكون هو معبودهم وحده، كما قال {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} [الذريات:56-58] .

24- ولقد خلق الله عباده على الفطرة حنفاء يعرفون ربهم فيعبدونه، فمازالت بهم الشياطين حتى أفسدت عليهم فطرهم بالأهواء والفتن، ووضعت في طريق معرفتهم لله عقبات حجبت عن قلوبهم نور المعرفة الصحيحة، فاتخذوا من دونه أنداداً يحبونهم كحب الله، ويطيعونهم في غير ما أمر الله باسم المشايخ والعلماء، وآلهة يعبدونهم ويدعونهم في شدائدهم، ويلجأون إليهم في مهماتهم، باسم الأولياء، والشفعاء، والوسائط والوسائل من أسماء ما أنزل الله بها من سلطان، وما عندهم بها من علم {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً} [لنجم: 28] ولقد لبس عليهم الشياطين حتى زعموا أن هذه الظنون التي يمليها سدنة أولئك الأنداد والأولياء، ويتأكلون منها-: علوما يقينية، وأخبارا حقيقية، يشكون في كل شيء ثبت بالعيان ولا يشكون فيها، وذلك لأن الشياطين قد أفسدت عليهم فطرهم وحجبت بصائرهم بغشاوات من العمه والغي والفساد، فكل ما جاء على خلاف معتقدهم هذا نبذوه، وعادوه، وأبغضوا القائم به، وحاربوه بكل ما عندهم من قوة، ولو قد تبين لهم الحق وقامت عليهم الحجة! فهم محجوبون على عقولهم، لا يقدرون على فكّها من الأغلال والقيود، فلو جاءتهم كل آية لا يؤمنون {وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015