وقد بين الله تعالى أن الاختلاف هو الدافع للصراع بقوله: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ} [البقر:253] .
ومن يستعرض واقع مسيرة البشر من آدم عليه السلام، وإلى اليوم يجد نماذج واضحة تؤكد هذه الحقيقة، حقيقة ملازمة الاختلاف والصراع بين الحق والباطل للناس إلى يوم القيامة.
وقصص الأنبياء والمرسلين -عليهم السلام- مليئة بالشواهد على ذلك، كذلك قصص العلماء العاملين، والقادة المجاهدين، والدعاة والمصلحين.
وقد دل الدليل الشرعي، والدليل الواقعي على أنه كلما ازداد البيان والإيضاح ازداد الخلاف والتفرق والصراع، فهذه الرسالة الخاتمة جاءت ببيان واضح مفصّل تفصيلاً دقيقاً شاملاً لجميع نواحي الحياة.
قال الله تعالى: {وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلاً} [الإسراء:12] .
وظل الرسول صلى الله عليه وسلم ثلاثة وعشرين عاماً يبين للناس الدين عقائده وشرائعه، على تؤدة وروية يبين لهم ما نزل إليهم من ربهم: {وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلاً} [الإسراء:106] .