وعقوبته لمن خالف أمره، فإنه ينتج عن ذلك الأمن من مكر الله، وذلك يؤدي بصاحبه إلى أن يضرب بالمعاصي ولا يبالي، فيتوزع القلب في محبة الشهوات، وسيِّئ الإرادات فيتنازعه الهم والقلق، وفي أقل أحواله يخلد إلى الدعة والراحة وترك العمل فيما يعود عليه بالنفع في الدين والدنيا، إذ إن الطمأنينة الناتجة عن الأمن والرجاء المطلق الذي بدون خوف، هي عامل فساد وخمول وعقم في القصد والطلب، وهي ناتجة عن جهل بالله ولا يسلم من كان كذلك من مرض في عقائده أو عواطفه وسوء ظن بربه.
وقد حذر الله تعالى من الأمن من مكره وبين أنه من أحوال الخاسرين، فقال تعالى: {أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ} [الأعراف:99] .
أما إذا كان العكس بأن أدرك قلبه من معاني الأسماء والصفات ما يدل على عظمة الله وجبروته وسرعة عقابه وشدة انتقامه، وحجب قلبه عن الأسماء الدالة على الرحمة واللطف والتوبة والمغفرة ... الخ، فيسيطر على القلب الخوف فيسلمه ذلك إلى اليأس من روح الله والقنوط من رحمته؛ مما يؤدي به إلى ترك العمل، إذ لا فائدة منه بزعمه، وهذه طامة من الطوام وكبيرة من كبائر الذنوب، تُخرج القلب عن سكينته وأنسه إلى انزعاجه وقلقه وهمه.