هناك كانت أي مجموعة من الإجابات التي توضع لمشكلات الفلسفة الرئيسية ... إما أن تمثل وجهة نظر واحدة من بين ما لا يحصى من وجهات النظر، وأن تكون بمثابة بيان حزبي، وإما أن يظل يناقض بعضها بعضاً، ويترتب على هذا أن لا يمكن لأية موسوعة فلسفية أن تضطلع بتقديم إجابات قاطعة لمشكلات الفلسفة دون أحد أمرين: فإما أن تخدع قراءها بأن تصور لهم ما هو في حقيقة الأمر أحد الآراء المتخاصمة على أنه الإجابة المتفق عليها. وإما أن تربكهم بسلسلة من الإجابات المتعارضة، ولما كان الأمر كذلك، فقد آثرنا ألا نجيب عن هذه الأسئلة إطلاقاً"1.
وهذا الكلام الذي يقوله الذين يشرحون الفلسفة للقراء ويبسطونها لهم، هو بمثابة إعلان بالإفلاس، وإشعار القارئ أنه لن يجني خيراً منها، فما أقربه من تحذير الملكين الذي ذكره الله بقوله: {وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ} [البقرة:102] .
وبهذا الدافع جنح كثير من المنتسبين إلى العلم إلى الفلسفة وعلم الكلام، طلباً للحق في المطالب الغيبية بزعمهم، فلم يجنوا لأنفسهم إلا