إبراهيم ربه ذلك المناظرة والمحاجة التي جرت بينه وبين نمرود في ذلك، من غير شك في الله تعالى ذكره، ولا في قدرته، ولكنه أحب أن يعلم ذلك وتاق إليه قلبه، فقال: ليطمئن قلبي، أي: ما تاق إليه إذا هو علمه1.

وهذا الشوق للمعرفة عند المؤمن إنما يرويه ما نزل من الحق في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم خاصة في الأمور الغيبية والمطالب الإلهية، والشرائع التعبدية.

إلا أن هذا الشوق يتحول إلى مرض إذا صاحبه عدم الرضى أو عدم الثقة بالنصوص الناقلة للعلم نتيجة لاستحكام الشبهات فيجنح عند ذلك إلى طلب الحق من مصادر أخرى.

يقول عبد الرحمن البدوي: "فإن أمثال هؤلاء المفكرين الذين يشعرون بالتوتر العظيم، بين النقل والعقل، أو بين الدين والعلم، لا يجدون خيراً من هؤلاء الفلاسفة ... لكي يشبعوا هذه الرغبة"2.

فجنوح المنتسبين إلى الإيمان إلى كتب الفلاسفة، أو الأديان الباطلة كالهندية والفارسية ونحوها، مرده إلى عدم الطمأنينة إلى مصدر الحق، وهو الوحي المطهر وقلة الثقة به، كمصدر كاف لمعرفة الحقائق، أو عدم الثقة بنقلته الذين بلغوه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015