والبحث في الإسناد مهم جداً في علم الْحَدِيْث، من أجل التوصل إلى مَعْرِفَة الْحَدِيْث الصَّحِيْح من غَيْر الصَّحِيْح، إِذْ إنّه كلما تزداد الحاجة يشتد نظام المراقبة، فعندما انتشر الْحَدِيْث بَعْدَ وفاة النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - اشتد الاهتمام بنظام الإسناد، وعندما بدأ السهو والنسيان يظهران كثر الالتجاء إلى مقارنة الروايات، حَتَّى أصبح هَذَا المنهج مألوفاً معروفاً عِنْدَ الْمُحَدِّثِيْنَ؛ إِذْ إنه لا يمكن الوصول إلى النص السليم القويم إلا عن طريق البحث في الإسناد، والنظر والموازنة والمقارنة فِيْمَا بَيْنَ الروايات والطرق. من هنا ندرك سر اهتمام الْمُحَدِّثِيْنَ بِهِ، إذ جالوا في الآفاق ينقّرون أَوْ يبحثون في إسنادٍ، أَوْ يقعون عَلَى علة أَوْ متابعة أَوْ مخالفة، وكتاب "الرحلة في طلب الْحَدِيْث" (?) للخطيب البغدادي خير شاهد عَلَى ذَلِكَ.

وتداول الإسناد وانتشاره معجزة من المعجزات النبوية (?) الَّتِيْ أشار إِلَيْهَا المصطفى - صلى الله عليه وسلم - في قوله: ((تَسْمَعُون ويُسْمَع منكم ويُسْمَع مِمَّنْ يَسْمَع منكم)) (?).

ثُمَّ إنَّ للإسناد أهمية كبيرة عِنْدَ المسلمين وأثراً بارزاً؛ وذلك لما للأحاديث النبوية من أهمية بالغة، إذ إنَّ الْحَدِيْث النبوي الشريف ثاني أدلة أحكام الشرع، ولولا الإسناد واهتمام الْمُحَدِّثِيْنَ بِهِ لضاعت علينا سنة نبينا - صلى الله عليه وسلم - ولاختلط بِهَا ما ليس مِنْهَا، ولما استطعنا التمييز بَيْنَ صحيحها من سقيمها؛ إذن فغاية دراسة الإسناد والاهتمام بِهِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015