زيادة كُلّ ثِقَة في الإسناد مقبولة، وهكذا الدَّارَقُطْنِيّ يذكر في بَعْض المواضع: ((أن الزيادة من الثِّقَة مقبولة))، ثُمَّ يرد في أكثر (?) المواضع زياداتٍ كثيرةٍ من الثِّقات، ويرجح الإرسال عَلَى الإسناد (?)، فدل عَلَى أن مرادهم زيادة الثِّقَة في مِثْل تِلْكَ المواضع الخاصة، وَهِيَ إذَا كَانَ الثِّقَة مبرزاً في الحفظ)) (?) وهذا الكلام تحقيق جدٌ لصنيع جهابذة المُحَدِّثِيْنَ في الحكم عَلَى زيادة الثِّقَة؛ إِذْ أن الَّذِي ينظر في صنيع الأئمة السابقين والمختصين في هَذَا الشأن يراهم لا يقبلونها مطلقاً وَلاَ يردونها مطلقاً، بَلْ مرجع ذَلِكَ عندهم إِلَى القرائن والترجيح: فتقبل تارة وترد أخرى. ويتوقف فِيْها أحياناً؛ قَالَ الحافظ ابن حجر: ((والمنقول عن أئمة الحَدِيْث المتقدمين - كعبد الرحمان بن مهدي، ويحيى القطان، وأحمد بن حَنْبَل، ويَحْيَى بن معين، وعَلِيّ بن المديني، والبُخَارِيّ، وأَبِي زرعة، وأَبِي حاتم، والنَّسَائِيّ، والدَّارَقُطْنِيّ وغيرهم - اعتبار الترجيح فِيْمَا يتعلق بالزيادة وغيرها، وَلاَ يعرف عن أحد مِنْهُمْ إطلاق قبول الزيادة)) (?).

وهذا هُوَ الصَّوَاب وَهُوَ الرأي المختار المتوسط الَّذِي هُوَ بَيْنَ القبول والرد، فيكون حكم الزيادة حسب القرائن المحيطة بِهَا حسب مَا يبدو للناقد العارف بعلل الحَدِيْث وأسانيده وأحوال الرواة بَعْدَ النظر في ذَلِكَ أما الجزم بوجه من الوجوه من غَيْر نظر إلى عمل النقاد فذلك فِيهِ مجازفة كبيرة، قَالَ الزيلعي: ((من الناس من يقبل الزيادة مطلقاً، ومنهم من لا يقبلها، والصَّحِيح التفصيل، وَهُوَ أَنَّهَا تقبل في مَوْضِع دُوْنَ موضع، فتقبل إذَا كَانَ الرَّاوِي الَّذِي رواها ثِقَة حافظاً ثبتاً والَّذِي لَمْ يذكرها مِثْلَهُ أو دونه في الثِّقَة ... ، وتقبل في مَوْضِع آخر لقرائن تخصها، ومن حكم في ذَلِكَ حكماً عاماً فَقَدْ غلط، بَلْ كُلّ زيادة لَهَا حكم يخصها)) (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015