جرير بإسناده علة؛ لأنه ثقة)) (?).

ويجاب على كلام ابن حزم: بأن ليس كل ما رواه الثقة صحيحاً، بل يكون فيه الصحيح وغير ذلك؛ لذا فإن الشذوذ والعلة إنما يكونان في حديث الثقة؛ فالعلة إذن هي معرفة الخطأ في أحاديث الثقات، ثم إن اطباق أربعة من أئمة الحديث على خطأ جرير، لم يكن أمراً اعتباطياً، وإنما قالوا هذا بعد النظر الثاقب والتفتيش والموازنة والمقارنة. أما إقامة الدليل على كل حكم في إعلال الأحاديث، فهذا ربما لا يستطيع الجهبذ الناقد أن يعبر عنه إنما هو شيء ينقدح في نفسه تعجز عبارته عنه (?).

ثم إن التفرد ليس علة كما سبق أن فصلنا القول فيه في مبحث التفرد، وإنما هو مُلقٍ لِلضوءِ على العِلّة ومواقع الخلل وكوامن الخطأ، ثم إنا وجدنا الدليل على خطأ جرير ابن حازم، إذ قَدْ خالفه الإمام الثقة الثبت حماد بن زيد (?)، فرواه عن يحيى بن سعيد ولم يذكر عمرة (?).

وللحديث طريق أخرى فقد أخرجه الطبراني (?) من طريق: يعقوب بن مُحَمَّد الزهري، قال: حدثنا هشام بن عبد الله بن عكرمة بن عبد الرحمان، عن الحارث بن هشام، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة.

قال الطبراني عقب روايته له: ((لم يرو هذا الحديث عن هشام بن عروة إلا هشام ابن عكرمة. تفرد به يعقوب بن مُحَمَّد الزهري)).

قلت: هذه الرواية ضعيفة لا تصلح للمتابعة، إذ فيها علتان:

الأولى: يعقوب بن مُحَمَّد الزهري، فيه كلام ليس باليسير، فقد قال فيه الإمام أحمد: ((ليس بشيء))، وَقَالَ مرة: ((لا يساوي حديثه شيئاً))، وَقَالَ الساجي: ((منكر الحديث)) (?).

والثانية: هشام بن عبد الله بن عكرمة، قال ابن حبان: ((ينفرد عن هشام بن عروة بما لا أصل له من حديثه - كأنه هشام آخر -، لا يعجبني الاحتجاج بخبره إذا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015