واستدلوا بالآثار الَّتِي رويت عن صحابة رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم -، مِمَّا يدل ظاهرها عَلَى العمل بهذا الشرط، ومن ذَلِكَ:

1 - ماروي عن قبيصة بن ذؤيب قَالَ: جاءت الجدة إِلَى أبي بكر تسأله ميراثها، قَالَ فَقَالَ لها: مالك في كتاب الله شيء، ومالك في سنة رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - شيء، فارجعي حَتَّى أسأل الناس، فسأل الناس فقال المغيرة بن شعبة: حضرت رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - فأعطاها السدس، فَقَالَ أبو بكر: هَلْ معك غيرك؟ فقام مُحَمَّد بن مسلمة الأنصاري فَقَالَ مِثْل ما قَالَ المغيرة بن شعبة فأنفذه لها أبو بكر (?).

2 - عن أبي سعيد الخدري قَالَ: استأذن أبو موسى عَلَى عمر، فَقَالَ: السلام عليكم أأدخل؟ قَالَ عمر: واحدة، ثُمَّ سكت ساعة، ثُمَّ قَالَ: السلام عليكم أأدخل؟ قَالَ عمر: اثنان، ثُمَّ سكت ساعة فَقَالَ: السلام عليكم أأدخل؟ فَقَالَ عمر: ثلاث.

ثُمَّ رجع أبو موسى، فَقَالَ عمر للبواب: ماصنع؟ قَالَ: رجع. قَالَ: عَلِيّ بِهِ، فلما جاءه قَالَ: ماهذا الَّذِي صنعت؟ قَالَ: السنة، قَالَ: السنة؟ والله لتأتيني عَلَى هَذَا ببرهان أو بينة أو لأفعلن بك، قَالَ: فأتانا ونحن رفقة من الأنصار: فَقَالَ: يا معشر الأنصار ألستم أعلم الناس بحديث رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم -؟ ألم يقل رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم -: ((الاستئذان ثلاث، فإن أذن لَكَ، وإلا فارجع))، فجعل القوم يمازحونه، قَالَ أبو سعيد: ثُمَّ رفعت رأسي إِلَيْهِ فقلت: فما أصابك في هَذَا من العقوبة فأنا شريكك. قَالَ: فأتى عمر فأخبره بِذَلِكَ، فَقَالَ عمر: ما كنت علمت بهذا (?).

ولا معارض من الصَّحَابَة لفعل الخليفتين، فكان إجماعاً مِنْهُمْ عَلَى مضمون فعلهما (?).

وأجيب عن استدلالهم هذا:

بأن دعوى الإجماع منقوضة بفعل عدد من الصحابة، إذ قبل كثير منهم أخبار الآحاد وقبلوها، بل ورد هذا عن الخليفتين أميري المؤمنين اللذين استدلوا بفعلهما، ومن ذلك:

1 - قبل الخليفة أبو بكر حديث ابنته أم المؤمنين عائشة في قدر الثوب الذي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015