المبحث الثامن اختلاف الحديث بسبب الاختصار

هل يجوز اختصار الحديث؟

ثُمَّ إن الحكم بصحة صوم الصائم الآكل أو الشارب ناسياً يتفق مَعَ ما عهدناه من مبادئ التشريع وأصول الاستنباط عن الشارع الحكيم، في عدم مؤاخذة المكلف في أبواب حقوق الله تَعَالَى إلا بِمَا فعله عن قصد، ومصداق هَذَا قوله تَعَالَى: {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ} (?)، والنسيان لَيْسَ من كسب القلب (?). وَقَدْ ثبت عن رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - أنَّهُ قَالَ: ((وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عَلَيْهِ)).

رَوَاهُ الطحاوي (?)، وابن حبان (?)، والدارقطني (?)، والحاكم (?)، والبيهقي (?).

والصوم داخل في عموم هَذَا الأصل.

ولهذا يبدو لي رجحان ما ذهب إِلَيْهِ جمهور الفقهاء.

المبحث الثامن

اختلاف الْحَدِيْث بسبب الاختصار

اختلف الناس في جواز اختصار الْحَدِيْث، والاقتصار عَلَى بعضه، وكانت لَهُمْ مذاهب في هَذَا:

الأول: المنع مطلقاً من اختصار الْحَدِيْث، بناءاً عَلَى المنع من الرِّوَايَة بالمعنى (?)؛

لأن حذف بَعْض الْحَدِيْث ورواية بعضه رُبَّمَا أحدث الخلل فِيْهِ، والمختصر لا يشعر (?).

الثاني: الجواز مطلقاً، وبه قَالَ مجاهد، ويحيى بن مَعِيْنٍ، وغيرهما (?).

قَالَ الحَافِظ العراقي: ((ينبغي تقييد الإطلاق بِمَا إذا لَمْ يَكُنِ المحذوف متعلقاً بالمأتي بِهِ تعلقاً يخل بالمعنى حذفه، كالاستثناء والحال ونحو ذَلِكَ، كَمَا سيأتي في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015