أما الحنفية فَقَدْ استدلوا بعمومات نصوص الكِتَاب العزيز مِنْهَا:
1 - قوله تَعَالَى: ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً ? (?).
وجه الدلالة: أن الله تَعَالَى أباح أكل المبيع إذا كَانَ عن رضى الطرفين، والنص مطلق عن قيد التفرق عن مكان العقد.
2 - قوله تَعَالَى: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ)) (?).
وجه الدلالة: أن الشارع - تبارك وتعالى - أوجب الوفاء بالعقود، وعقد البيع بَعْدَ الإيجاب والقبول وقبل مفارقة المجلس أو التخيير يسمى عقداً أيضاً، فيكون داخلاً في عموم هَذَا النص، والقول بخلافه إبطال للنص.
وأجابوا عن الْحَدِيْث بأنه:
خبر آحاد مخالف لظاهر الكِتَاب فيجب تأويله، فيحمل التفرق الوارد في الْحَدِيْث عَلَى التفرق بالأقوال لا بالأبدان، جمعاً بَيْنَ النصوص الواردة في هَذَا (?).
ونجيب عَنْهُ بِمَا يأتي:
أما كون الْحَدِيْث آحادياً: فَقَدْ أبطلنا ذَلِكَ في ما مضى، وبينا أن الْحَدِيْث في أقل أحواله مشهور، وللمشهور عِنْدَ الحنفية حكم المتواتر في جواز تخصيص عمومات الكِتَاب بِهِ (?).
وأما كون المراد التفرق بالأقوال: فَهُوَ خلاف المتبادر إِلَى الذهن من أن المراد التفرق بالأبدان، ونضيف بأن من الْمُسلّمَات - إذا سرنا عَلَى أصول الحنفية - أن راوي الْحَدِيْث أعلم بتفسيره لذا ردوا - كَمَا سبق - حَدِيْث ولوغ الكلب، وإذا حكّمنا هَذِهِ القاعدة هنا بانت الحجة عَلَيْهِمْ، فهذا الْحَدِيْث من رِوَايَة ابن عمر -رضي الله عنهما-، وَقَدْ أخرج البُخَارِيّ (?) من طريق يَحْيَى بن سعيد، عن نافع قَالَ: ((وَكَانَ ابن عمر إذا اشترى شيئاً يعجبه فارق صاحبه)). ورواه مُسْلِم (?) من طريق ابن جريج، عن نافع بلفظ: