أما في اصطلاح المحدثين: فَقَدْ قَالَ السخاوي (?): ((وحقيقته فساد العقل وعدم انتظام الأقوال والأفعال، إما بخرف، أو ضرر، أو مرض، أو عرضٍ من موت ابن وسرقة مالٍ كالمسعودي (?)، أو ذهاب كتب كابن لهيعة (?)، أَو احتراقها كابن الملقن (?))) (?).
إذن الاختلاط: آفة عقلية تورث فساداً في الإدراك، وتصيب الإنسان في آخر عمره، أو تعرض لَهُ بسبب حادث لفقد عزيز أو ضياع مالٍ؛ ومن تصبه هَذِهِ الآفة لكبر سِنّهِ يقال فِيْهِ: اختلط بأخرة، ويقال: بآخره (?).
فالاختلاط قَدْ يطرأ عَلَى كثير من رواة الْحَدِيْث النبوي مِمَّا يؤثر عَلَى روايته أحياناً فيدخل في رِوَايَته الوهم والخطأ مِمَّا يؤدي ذَلِكَ بالمحصلة النهائية إلى وجود الاختلاف بَيْنَ الروايات. ثُمَّ من كَانَ مختلطاً فدخل الوهم في حديثه لا تضر روايتُه رِوَايَةَ الثقات الأثبات؛ إِذْ إنّ الرِّوَايَة الصَّحِيْحَة لا تُعلُّ بالرواية الضعيفة، فرواية المختلط ضعيفة لا تقاوم رِوَايَة الثقات، ولا تصلح للحجية إلا إذا توبع المختلط في روايته أَوْ كَانَتْ روايته مِمَّا حدث بِهِ قَبْلَ الاختلاط. وعلماؤنا الأجلاء أحرقوا أعمارهم شموعاً تضيء لنا الطريق من أجل بَيَان كُلّ ما يدخل الْحَدِيْث من خطأ ووهم واختلاف، إِذْ إنّ مَعْرِفَة المختلطين لَيْسَ بالأمر السهل بَلْ هُوَ أمرٌ شاقٌ عَلَى الْمُحَدِّثِيْنَ للغاية، بَلْ كَانَ