أيضاً، وإن خالف جَمِيْع الأقيسة، فَقَالَ عيسى بن أبان (?) والقاضي أبو زيد الدبوسي (?) وتابعهما أكثر المتأخرين من الحنفية أنَّهُ لا يقبل (?).

وَهُوَ قولٌ للمالكية (?).

وفصّل أبو الْحُسَيْن البصري (?) من المعتزلة تفصيلاً آخر، فرأى أن القياس يقدّم عَلَى خبر الواحد في حالة ثبوت علة القياس بدليل قاطع، وعلل ذَلِكَ بأن النص عَلَى العلة كالنص عَلَى حكمها، فحينئذ القياس قطعي، وخبر الآحاد ظني، والقطعي مقدم عَلَى الظني (?).

واستدلوا بأن عرض خبر الواحد عَلَى القياس كَانَ من ضمن المناهج الَّتِي اتبعها الصَّحَابَة في نقد المرويات وتمحيص الأخبار، فهذا ابن عَبَّاسٍ يرد عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ عندما حدّث بحديث: ((توضؤوا مِمَّا مست النار))، قائلاً: أنتوضأ من الدُّهن، أنتوضأ من الحميم؟ فَقَالَ أبو هُرَيْرَةَ: ((يا ابن أخي إذا سَمِعْت حديثاً عن رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - فَلاَ تضرب لَهُ الأمثال)). (?)

فابن عَبَّاسٍ قَدْ توقف في قبول خبر أبي هُرَيْرَةَ وعارضه بالقياس.

وأجاب الجُمْهُوْر: بأن دعوى أن مِثْل هَؤُلاَءِ من الصَّحَابَة - كأبي هُرَيْرَةَ وأنس - ليسوا من أهل الفقه، أمر فِيْهِ نظر طويل، ولوا أمعنا النظر في مروياته وآرائه لعلمنا رجاحة عقليته الفقهية، وإجابته لابن عَبَّاسٍ تدل عَلَى هَذَا دلالة لايشوبها لبس أو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015