الإنسان مِمَّا تؤدي إلى اختلال مروياته ودخول بعض الوهم في حديثه. فهذا كله من الأسباب الرئيسة العامة في وجود الاختلاف.
ثُمَّ إن اختلاف الرُّوَاة يرجع إلى نوعين رئيسين: اختلاف تنوع، واختلاف تضاد (?).
فاختلاف التنوع: هُوَ أن يذكر كُلّ من المختلفين من الاسم أَوْ اللفظ بعض
أنواعه، كأن يختلف الرُّوَاة عَلَى راوٍ فبعضهم يذكره باسمه وبعضهم يذكره بكنيته وبعضهم بلقبه وبعضهم بوصف اشتهر بِهِ. وربما أطلق عَلَى هَذَا الاختلاف اختلاف في العبارة وَهُوَ: أن يعبر كُلّ من المختلفين عَنْ المراد بعبارة غَيْر عبارة صاحبه، والمعنى واحد عِنْدَ الْجَمِيْع (?).
والنوع الآخر من أنواع الاختلاف: اختلاف التضاد، وَهُوَ الاختلاف الحقيقي القادح، وَهُوَ: أن يختلف الرُّوَاة في متن حديثين أحدهما يخالف أَوْ ينافي الآخر أو أن يختلف الرُّوَاة في راوٍ أَوْ رواة مختلفين عَن الآخرين مع عدم إمكان الترجيح والتوفيق عَلَى طريقة النقاد؛ إِذْ تتساوى وجوه الروايات.
المبحث الرابع
أسباب الاختلاف
فطر الله تَعَالَى الناس عَلَى أن يختلفوا في مواهبهم وقدراتهم وتنوع قابلياتهم في الدقة والضبط والإتقان والحرص عَلَى الشيء، كَمَا أن الناس يختلفون في أحوالهم الأخرى قَالَ تَعَالَى: {فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَات} (?)، وهذه المواهب والمنح من الله يعطي من شاء ما شاء. والناس كذلك يختلفون في حرصهم واجتهادهم لِذَلِكَ عَدَّ الإمام الشَّافِعِيّ (?) الحرص من لوازم العلم فَقَالَ: