3- حماد بن زيد: حدثنا معبد بن هلال، قال: اجتمع ناس من أهل البصرة، فذهبنا إلى أنس بن مالك ومعنا ثابتٌ البناني نسأله عن حديث الشفاعة، فأتيناه في قصره، فوافقناه يصلي الضحى، فأستاذنا عليه، فأذن لنا، فأقعد ثابتاً معه على فراشه، فقال: حدثنا محمد صلى الله عليه وسلم، قال: ((إذا كان يوم -[24]- القيامة ماج الناس بعضهم في بعض، فيأتون آدم عليه السلام، فيقولون: اشفع لذريتك، فيقول: لست لها، ولكن ائتوا إبراهيم خليل الرحمن عز وجل، فيأتون إبراهيم، فيقول: لست لها، ولكن عليكم بموسى؛ فإنه كليم الرحمن، فيأتون موسى فيقول: لست لها، ولكن عليكم بعيسى؛ فإنه روح الله وكلمته، فيأتون عيسى، فيقول: لست لها، ولكن عليكم بمحمد صلى الله عليه وسلم، فيأتوني، فأقول: أنا لها، فأنطلق فأستأذن على ربي، فيؤذن لي عليه، فيلهمني محامد أحمده بها لا تحضرني الآن، فأحمده بتلك المحامد، ثم أخر له ساجداً، فيقال لي: يا محمد، ارفع رأسك، وقل يسمع لك، وسل تعط، واشفع تشفع، فأقول: يا رب، أمتي أمتي. فيقال: انطلق فأخرج منها من كان في قلبه مثقال ذرةٍ -أو قال: خردلةٍ- من إيمان، فأنطلق وأفعل، ثم أرجع فأحمده بتلك المحامد، ثم أخر له ساجداً، فيقال لي: يا محمد ارفع رأسك، وسل تعط، وقل تسمع، واشفع تشفع. فأقول: يا رب، أمتي أمتي، فيقال: انطلق فأخرج منها من كان في قلبه أدنى أدنى أدنى من مثقال حبة خردلة من إيمان، فأخرجهم من النار)) .

فلما خرجنا من عند أنس، قلت لبعض أصحابنا: لو زرنا الحسن -وهو يومئذٍ متوارٍ- فأتيناه، فقلنا: يا أبا سعيد، جئنا من عند أخيك أنس، فلم نر مثل ما حدثنا في الشفاعة! قال: هيه، فحدثناه الحديث، فقال: لقد حدثنيه منذ عشرين سنة وهو جميعٌ، فلا أدري أنسي أم كره أن تتكلوا؟ قلنا: يا أبا سعيد، حدثنا. فضحك وقال: خلق الإنسان عجولاً! إني لم أخبركم إلا وأنا أريد أن أحدثكم. حدثني كما حدثكم، ثم قال: ((أعود في الرابعة فأحمده بتلك المحامد، ثم أخر له ساجداً، فيقال لي: يا محمد، ارفع رأسك، وقل يسمع لك، وسل تعط، واشفع تشفع، فأقول: يا رب، ائذن لي فيمن قال: لا إله إلا الله. فيقول: وعزتي وجلالي وكبريائي وعظمتي، لأخرجن منها من قال: لا إله إلا الله)) .

متفق عليه.

-[25]-

هكذا أخرجاه. وفيه نوع اختصار -كما ترى- وانتقال من ذكر شفاعة الموقف إلى الشفاعة في عصاة المسلمين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015