25- أبو حيان التيمي: عن أبي زرعة، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي بلحمٍ، فرفع إليه الذراع، وكانت تعجبه، فنهس منها نهسة ثم قال: ((أنا سيد الناس يوم القيامة، وهل تدرون مم ذاك؟ يجمع الله الأولين والآخرين في صعيدٍ واحد، فيسمعهم الداعي وينفذهم البصر، وتدنو الشمس، فيبلغ الناس من الغم والكرب ما لا يطيقون وما لا يحتملون، فيقول بعض الناس لبعض: عليكم بآدم.
فيأتون آدم، فيقولون له: أنت أبو البشر، خلقك الله بيده، ونفخ فيك من روحه، وأمر الملائكة فسجدوا لك، اشفع لنا إلى ربك. ألا ترى ما نحن فيه؟ ألا ترى [إلى] ما قد بلغنا؟ فيقول لهم آدم عليه السلام: إن ربي قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، وإنه قد نهاني عن الشجرة فعصيته، نفسي نفسي. اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى نوح. فيأتون نوحاً عليه السلام، فيقولون: يا نوح، أنت أول الرسل إلى أهل الأرض، وسماك الله عبداً شكوراً، اشفع لنا إلى ربك. ألا ترى ما نحن فيه؟ ألا ترى ما قد بلغنا؟ فيقول: إن ربي قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله، وإنه قد كانت لي دعوةٌ دعوتها على قومي. نفسي نفسي. اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى إبراهيم عليه السلام.
فيأتون إبراهيم، فيقولون: أنت نبي الله وخليله من أهل الأرض. اشفع لنا إلى ربك. ألا ترى ما نحن فيه؟ ألا ترى ما قد بلغنا؟ فيقول لهم: إن ربي قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله، وإني -[39]- قد كذبت ثلاث كذبات. نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى موسى.
فيأتون موسى عليه السلام، فيقولون: يا موسى، أنت رسول الله، فضلك الله برسالاته وكلامه على الناس، اشفع لنا إلى ربك. ألا ترى ما نحن فيه، ألا ترى ما قد بلغنا. فيقول: إن ربي قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، وإني قتلت نفساً لم أومر بقتلها. نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى عيسى عليه السلام.
فيأتون عيسى، فيقولون: أنت روح الله وكلمته ألقاها الله إلى مريم وروح منه وكلمت الناس في المهد. اشفع لنا إلى ربك. ألا ترى ما نحن فيه؟ فيقول: إن ربي قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، [ولم يذكر ذنباً] . نفسي نفسي. اذهبوا إلى محمد صلى الله عليه وسلم.
فيأتون محمداً فيقولون: أنت محمد رسول الله وخاتم الأنبياء، قد غفر الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر. اشفع لنا إلى ربك. ألا ترى ما نحن فيه. فأنطلق، فآتي [تحت] العرش، فأقع ساجداً لربي، ثم يفتح [الله] علي [ويلهمني] من محامده وحسن الثناء شيئاً لم يفتحه على أحد قبلي، ثم يقال: يا محمد، ارفع رأسك، سل تعط، واشفع تشفع، فأرفع رأسي، فأقول: [أمتي يا رب، أمتي يا رب، أمتي يا رب] ، فيقال: يا محمد، أدخل من أمتك من لا حساب عليه من الباب الأيمن من أبواب الجنة، وهم شركاء الناس فيما سوى ذلك من الأبواب.
ثم قال: والذي نفسي بيده، ما بين المصراعين من مصاريع الجنة كما بين مكة وحمير، أو كما بين مكة وبصرى)) .
-[40]-
متفق عليه. ورواه الترمذي وصححه، والنسائي وابن ماجه من حديث جماعة عن أبي حيان.