دخلت على أبي عبد الله أحمد بن حنبل يوما فسمعته يقول: كنت بالبصرة في مجالس الفقهاء فرأيت شيخا، فسألت عنه، فقيل: أبو نواس، فقلت: له: أنشدني شيئا من شعرك، فأنشأ يقول:
إذا ما خلوت الدهر يوما فلا تقل ... خلوت ولكن قل علي رقيب
ولا تحسبن الله يغفل ساعة ... ولا أن ما يخفى عليه يغيب
لهونا عن الأيام حتى تتابعت ... علينا ذنوبا بعهدهن ذنوب
فيا ليت أن الله يغفر ما مضى ... ويأذن في توباتنا فنتوب
أقول إذا ضافت علي مذاهبي ... وحل بقلبي للهموم ندوب
لطول جناياتي وعظم خطيئتي ... هلكت ومالي في المتاب نصيب
وأغرق في بحر المخافة آيسا ... وترجع نفسي تارة فتتوب
وتذكر عفوا للكريم عن الورى ... فأجني وأرجو عفوه فأنيب
وأخضع في قولي وأرغب سائلا ... عسى كاشف البلوى علي يتوب
محمد بن داود بن عمر بن يوسف المقدسي الأصل ابن خطيب بيت الآبار، تخريج الحافظ علم الدين البرزالي له في جزأين، أحدهما ذيل عن الآخر، عن جماعة من شيوخه يزيدون على السبعين، بالسماع قرأتهما عليه، وكانت وفاته في العشرين من رجب، سنة ثلاث عشرة وسبع مائة، وقد تفرد بغالب مروياته، وتقدم من الرواية عنه قطعة أحاديث أيضا