فَفَاتَنِي عَلَيْهِ الْحَدِيثُ الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ مِنْهَا، وَأَجَازَ لِي مَا يَرْوِيهِ غَيْرَ مَرَّةٍ، قَالَ الأَوَّلانِ: أنا الْحُسَيْنُ بْنُ الْمُبَارَكِ بْنِ الزُّبَيْدِيِّ، قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَنَحْنُ حَاضِرَانِ، الأَوَّلُ فِي الثَّالِثَةِ وَالآخَرُ فِي الْخَامِسَةِ، وَقَالَ الأَوَّلُ أَيْضًا وَالأَخِيرَانِ: أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ اللَّتِّيِّ، قَالَ الأَخِيرُ: إِجَازَةً، وَالآخَرَانِ سَمَاعًا، قَالا: أنا أَبُو الْفُتُوحِ الطَّائِيُّ، سَمَاعًا، سِوَى ابْنِ الزُّبَيْدِيِّ فَإِجَازَةً مِنْ أَوَّلِهِ إِلَى آخِرِ الْحَدِيثِ السَّادِسِ، وَسَمَاعًا بِالْبَاقِي إِلَى آخِرِ الْكِتَابِ وَمِنْهُ:
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْغَفَّارِ الشِّيرُوِيُّ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الصَّيْرَفِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الأَصَمُّ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُسْتَوْرَدِ الأَشْجَعِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ الْبَلْخِيُّ، حَدَّثَتْنِي أُمُّ يُونُسَ بِنْتُ الْيَقْظَانِ، قَالَتْ: رَأَيْتُ الْحَسَنَ الْبَصْرِيَّ فِي جِنَازَةِ النَّوَّارِ امْرَأَةِ الْفَرَزْدَقِ، قَدِ اعْتَمَّ بِعِمَامَةٍ سَوْدَاءَ وَقَدْ أَسْدَلَهَا بَيْنَ كَتِفَيْهِ وَاجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَيْهِ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ، فَجَاءَ الْفَرَزْدَقُ يَمْشِي حَتَّى قَامَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ: يَا أَبَا سَعِيدٍ، يَزْعُمُ النَّاسُ أَنَّهُ قَدِ اجْتَمَعَ فِي هَذِهِ الْجِنَازَةِ خَيْرُ النَّاسِ وَشَرُّ النَّاسِ، فَقَالَ: مَنْ خَيْرُ النَّاسِ، وَمَنْ شَرُّ النَّاسِ؟ قَالَ: يَزْعُمُونَ أَنَّكَ خَيْرُهُمْ وَأَنِّي شَرُّهُمْ فَقَالَ: مَا أَنَا بِخَيْرِ النَّاسِ وَلا أَنْتَ بِشَرِّهِمْ، وَلَكِنْ مَا أَعْدَدْتَ لِهَذَا الْيَوْمِ؟ فَقَالَ: شَهَادَةَ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ مُنْذُ سَبْعِينَ سَنَةً، قَالَ: فَقَالَ الْحَسَنُ بِيَدِهِ: نِعْمَ وَاللَّهِ الْعُدَّةُ، قَالَ: ثُمَّ قَالَ الْفَرَزْدُق: أَخَافُ وَرَاءَ الْقَبْرِ إِنْ لَم تُعَافِنِي أَشَدَّ مِنَ الْقَبْرِ الْتِهَابًا وَأَضْيَقَا إِذَا جَاءَنِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَائِدٌ عَنِيفٌ وَسَوَّاقٌ يَسُوقُ الْفَرَزْدَقَا لَقَدْ خَابَ مِنْ أَوْلادِ آدَمَ مَنْ مَشَى إِلَى النَّارِ مَشْدُودَ الْقِلادَةِ أَزْرَقَا