وَمَا تَعْمَلُونَ) (?).

"فهذا كله يبين قبح ما كانوا عليه قبل النهي، وقبل إنكاره عليهم ولهذا استفهم استفهام منكر فقال: (أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ، وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ) أي: وخلق ما تنحتون. فكيف يجوز أن تعبدوا ما تصنعون بأيدكم وتدعون رب العالمين؟ فلولا أن حسن التوحيد، وعبادة الله تعالى وحده لا شريك له، وقبح الشرك ثابت في نفس الأمر معلوم بالعقل لم يخاطبهم بهذا؛ إذ كانوا لم يفعلوا شيئاً يذمون عليه" (?) أ. هـ.

وقال ابن القيم في قوله تعالى (لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ) (?):

"أي: لو كان في السموات والأرض آلهة تعبد غير الله لفسدتا وبطلتا. ولم يقل "أرباب" بل قال "آلهة" - والإله هو المعبود والمألوه - وهذا يدل على أنه من الممتنع المستحيل عقلا أن يشرع الله عبادة غيره أبداً، وأنه لو كان معه معبود سواه لفسدت السموات والأرض. فقبح عبادة غير الله قد استقر في الفطر والعقول وإن لم يرد بالنهي عنه شرع، بل العقل يدل على أنه أقبح القبيح على الإطلاق، ومن المحال أن يشرعه الله قط؛ فصلاح العالم في أن يكون الله وحده هو المعبود، وفساده وهلاكه في أن يعبد معه غيره. ومحال أن يشرع لعباده ما فيه فساد العالم وهلاكه؛ بل هو المنزه عن ذلك" أ. هـ.

إن حسن التوحيد وقبح الشرك من أثبت الثوابت وأركز المرتكزات في الفطر والعقول. ومن ثمّ استحال جواز الشرك فيهما ما دامت السماء سماء

طور بواسطة نورين ميديا © 2015