- صلى الله عليه وسلم -: "كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه، كما تولد البهيمة بهيمة جمعاء، هل تحسون فيها من جدعاء؟ ". وفي صحيح مسلم عن عياض بن حمار، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "يقول الله تعالى: إني خلقت عبادي حنفاء، فجاءتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم، وحرمت عليهم ما أحللت لهم"، وفي المسند والسنن: "كل مولود يولد على هذه الملة، حتى يعرب عنه لسانه .. " الحديث، فالمؤمن باق على هذه الفطرة.
[وقوله: (وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ)، أي]: وجاءه شاهد من الله، وهو ما أوحاه إلى الأنبياء من الشرائع المطهرة المكمّلة المعظمّة المختتمة بشريعة محمد - صلوات الله وسلامه وعليهم أجمعين - ولهذا قال ابن عباس، ومجاهد، وعكرمة، وأبو العالية، والضحاك، وإبراهيم النخعي، والسدي، وغير واحد في قوله تعالى: (وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ): إنه جبريل عليه السلام.
وعن علي، والحسن، وقتادة: هو محمد صلى الله عليه وسلم.
وكلاهما قريب في المعنى، لأن كلا من جبريل ومحمد - صلوات الله عليهما - بلّغ رسالة الله تعالى، فجبريل إلى محمد، ومحمد إلى الأمة.
وقيل: هو "علي". وهو ضعيف لا يثبت له قائل، والأول والثاني هو الحق، وذلك أن المؤمن عنده من الفطرة ما يشهد للشريعة من حيث الجملة، والتفاصيل تؤخذ من الشريعة، والفطرة تصدقها وتؤمن بها، ولذا قال تعالى: (أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ) (?)، وهو القرآن بلغه جبريل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، وبلغه النبي محمد إلى أمته" (?) أ. هـ.
وقال عبد الرحمن السعدي: "يذكر تعالى حال رسوله محمد - صلى الله عليه وسلم -، ومن قام مقامه، من ورثته القائمين بدينه وحججه الموقنين بذلك، وأنهم لا يوصف بهم