ومن آثار حجج التوحيد في مؤاخذة العبيد: الحكم على المشركين بالافتراء والإفك، وعلى فعلتهم النكراء المتمثلة في اتخاذ آلهة من دون الله تقربهم إليه زلفى بأنها ذنب عظيم وسيئة قبيحة ويجب - أي: الوجوب المستوجب للعقاب لتاركه - على أصحابها التوبة منها، والمآب إلى التوحيد بعد البيان.
قال تعالى: (وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُفْتَرُونَ، يَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلا تَعْقِلُونَ، وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ) (?).
قال ابن تيمية: "فجعلهم مفترين قبل أن يحكم بحكم يخالفونه لكونهم جعلوا مع الله إلها آخر.
فاسم المشرك ثبت قبل الرسالة؛ فإنه يشرك بربه، ويعدل به، ويجعل معه آلهة أخرى، ويجعل له أنداداً قبل الرسول" (?) أ. هـ.
وقال الإمام الطبري: القول في تأويل قوله تعالى (وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُفْتَرُونَ).
يقول تعالى ذكره: وأرسلنا إلى قوم عاد أخاهم هودا فقال لهم: يا قوم اعبدوا الله وحده لا شريك له دون ما تعبدون من دونه من الآلهة والأوثان، ما لكم من إله غيره يقول: ليس لكم معبود يستحق العبادة عليكم غيره؛ فأخلصوا له العبادة، وأفردوه بالألوهة (إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُفْتَرُونَ) يقول: ما أنتم في إشراككم معه الآلهة والأوثان إلا أهل قرية مكذبون تختلقون الباطل لأنه لا إله سواه ...