يخزيه. ومنه قوله تعالى: (هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ، تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ) (?) فإن الشيطان إنما ينزل على ما يناسبه ويطلبه وهو يريد الكذب والإثم، فينزل على من يكون كذلك، وبسط هذا له موضع آخر" (?) أ. هـ.
والنفاة قد أحكموا غلق هذا الباب دونهم في الاستدلال به على صحة الرسالات وصدق النبوات.
فالمقرر لديهم أنهم لا فرق بين فعل وفعل إلا بالخبر، ويجوز على الله فعل كل ممكن مقدور، وعليه جوزوا من جهة العقل أن يرسل رسولا فاعلاً للكبائر والموبقات، ولا يشترط فيه إلا أن يكون عالماً بالصانع. وهذا احتراز غير محرز، وحد ليس بفاصل لوجوده في عامة الخلق.
قال ابن تيمية: "وجوزوا من جهة العقل: ما ذكره القاضي أبو بكر أن يكون الرسول فاعلاً للكبائر، إلا أنه لا بد أن يكون عالماً بمرسله، لكن ما علم بالخبر أن الرسول لا يتصف به علم من جهة الخبر فقط. لا لأن الله منزه عن إرسال ظالم أو مرتكب للفواحش أو مكاس أو مخنث أو غير ذلك، فإنه لا يعلم نفي شيء من ذلك بالعقل لكن بالخبر، وهم في السمعيات عُمدتهم الإجماع.
وأما الاحتجاج بالكتاب والسنة فأكثر ما يذكرونه تبعاً للعقل أو الإجماع. والعقل والإجماع مقدمان عندهم على الكتاب والسنة فلم يعتمد القاضي أبو بكر وأمثاله في تنزيه الأنبياء لا على دليل عقلي ولا سمعي من الكتاب والسنة، فإن العقل عنده لا يمنع أن يرسل الله من شاء إذ كان يجوز عنده على الله فعل كل ما يقدر عليه. وإنما اعتمد على الإجماع. فما أجمع المسلمون