ودلالة القرآن على الأمور (نوعان):
أحدهما: خبر الله الصادق، فما أخبر الله ورسوله به فهو حق كما أخبر الله به.
والثاني: دلالة القرآن يضرب الأمثال وبيان الأدلة العقلية الدالة على المطلوب. فهذه دلالة شرعية عقلية، فهي "شرعية" لأن الشرع دل عليها، وأرشد إليها؛ و"عقلية" لأنها تعلم صحتها بالعقل. ولا يقال: أنها لم تعلم إلا بمجرد الخبر.
وإذا أخبر الله بالشيء ودل عليه بالدلالات العقلية، صار مدلولاً عليه بدليله العقلي الذي يعلم به، فيصير ثابتاً بالسمع والعقل، وكلاهما داخل في دلالة القرآن التي تسمى: (الدلالة الشرعية) (?) أ. هـ.
وقال رحمه الله: "قد ذكرنا في غير موضع أن أصول الدين الذي بعث الله به رسوله محمداً - صلى الله عليه وسلم - قد بينها الله في القرآن أحسن بيان، وبين: دلائل الربوبية، والوحدانية، ودلائل أسماء الرب، وصفاته، وبين دلائل نبوة أنبيائه، وبين المعاد وبين إمكانه وقدرته عليه في غير موضع، وبين وقوعه بالأدلة السمعية والعقلية. فكان في بيان الله: أصول الدين الحق، وهو دين الله، وهي أصول ثابتة صحيحة معلومة، فتضمن بيان العلم النافع، والعمل الصالح: الهدى ودين الحق.
وأهل البدع الذين ابتدعوا أصول دين يخالف ذلك ليس فيما ابتدعوه لا هدى ولا دين حق. فابتدعوا ما زعموا أنه أدلة وبراهين على إثبات الصانع وصدق الرسول. وإمكان المعاد أو وقوعه. وفيما ابتدعوه ما خالفوا به الشرع وكل ما خالفوه من الشرع فقد خالفوا فيه العقل أيضاً. فإن الذي بعث الله به محمداً وغيره من الأنبياء، هو حق وصدق. وتدل عليه الأدلة العقلية. فهو