[س 147/ ب] وأما مشركو العرب فكانوا مع اعترافهم بربوبيَّة الله عزَّ وجلَّ وأنه خالق كل شيء، ورازق كل حيٍّ، ومدبر الأمر، وبيده ملكوت كلِّ شيء وأنه يجير ولا يجار عليه؛ يعظِّمون الأصنام التي جعلوها رموزًا للملائكة مع زعمهم أنَّ الملائكة بنات الله - تعالى الله عن ذلك - ويرون تعظيم الأصنام تعظيمًا للملائكة، ويقصدون من تعظيم الملائكة أن يشفعوا لهم إلى الله عزَّ وجلَّ، فيعظِّمون الأصنام بالعكوف عليها والتمسُّح بها وتضميخها بالطيب ويزورونها من الأماكن البعيدة ونحو ذلك مما تقدم.
وفي القرآن ما يُسْتَدَلُّ به أنهم كانوا يَدْعونها كما تقدَّم، فإن ثبت فحالهم في ذلك كما تقدَّم مِنْ حال قوم إبراهيم.
ويعظِّمون الملائكة زاعمين أنهم بنات الله - تعالى الله عن ذلك -, ويُشْرِكونهم في التلبية قائلين: لبيك لا شريك لك - أي لا نُشرك معك في التلبية أحدًا - إلاَّ شريك هو لك، تملكه وما ملك، ويذبحون بأسمائهم ويحلفون بها، ويسمُّون عَبْد اللات، عبد العزى، عبد مناة، وجعلوا لهم تماثيل ورموزًا، وهي الأصنام، وعظَّموها بما تقدَّم زاعمين أن تعظيمها تعظيم للملائكة؛ لأنها ليست إلاَّ [س 148/ أ] رموزًا لهم.
ويجعلون للملائكة نصيبًا من أموالهم ويصرفونه في مصالح الأصنام كما يصرفون النصيب الذي يجعلونه لله تعالى في ذلك.
وكانوا يدعونهم أي يسألون منهم حوائجهم بقصد أن يشفعوا إلى الله عزَّ وجلَّ في قضائها، وكانوا يطيعون أهواءهم فيما تستحسن شرعها من [دون إذنٍ من الله، زعمًا أن ذلك] (?) يُتقرَّب به إلى الله عزَّ وجلَّ أو إلى