[س 139/ ب] ويمكن أن يكون المراد شيئًا له بالٌ كما في قوله تعالى: {كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا} [النور: 39]، وقوله عزَّ وجلَّ: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ} [البقرة: 113].
والأوَّل أقرب.
ومثلُ هذه الآية قولُه تعالى: {الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتَابِ وَبِمَا أَرْسَلْنَا بِهِ رُسُلَنَا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (70) إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ (71) فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ (72) ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ (73) مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا بَلْ لَمْ نَكُنْ نَدْعُو مِنْ قَبْلُ شَيْئًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ الْكَافِرِينَ (74) ذَلِكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ} [غافر:70 - 75].
أم كانوا على ضلال فقال الله عزَّ وجلَّ: {كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ الْكَافِرِينَ}، أي: أن ذلك الضلال الذي كنتم عليه أوجبه كفركم أوّلاً كما قال تعالى: {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ}، وكما هنا للتعليل أي: لعدم إيمانهم أول مرة عاقبهم الله عَزَّ وَجَلَّ بالضلال، كما قال تعالى: {وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ}، وقال عزَّ وجلَّ: {وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ}، وغالب ما في القرآن من نسبة الضلال إلى الله عزَّ وجلَّ جارٍ هذا المجرى، أي واقع عقوبة على عناد وتكبر يقع من الإنسان أولاً، ثم بين عزَّ وجلَّ ذلك بقوله: {ذَلِكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ}، وكثير من المفسرين فسروا قولهم {بَلْ لَمْ نَكُنْ نَدْعُو