وفي فصل تجده في المسودة الثانية ذكر الشيخ أن تحت يده الآن للتصحيح كتاب "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم. وقد حقق الشيخ كتاب "تقدمة الجرح والتعديل (وأرَّخ مقدمته في 23 شوال سنة 1371) والمجلدين الأول والثاني والقسم الأول من المجلد الرابع، وكلها طبعت في سنتي 1371 - 1372 (1952 - 1953 م)، فلا شك أن تحقيقها قد تم قبل ذلك، وربما في سنتي 1369 - 1370 (1950 - 1951 م).

ولما ذكر الشيخ في المبيضة مراحل المقابلة وتصحيح التجارب قال: "والعادة في مطبعتنا" يعني: مطبعة دائرة المعارف العثمانية، وهذا يدل على أنه بيَّض الرسالة وهو في حيدراباد. وقد وصل الشيخ إلى مكة المكرمة سنة 1371 (1952 م). وأنت خبير أيضًا بأن كتاب الأستاذ عبد السلام هارون "تحقيق النصوص ونشرها" صدر سنة 1954 م.

وتبيَّن من هذا التفصيل أن رسائل الشيخ هذه من أول ما كُتِب باللغة العربية في فن التحقيق، وأن الشيخ المعلمي رحمه الله أول عالم أفرد كتابًا في أصول هذا الفن. ورسالته المبيضة مع عدم تمامها قد عالجت المسائل التي هي من لبِّ الموضوع وصميمه معالجة علمية دقيقة منظمة. وقد ألحقنا بها المسودتين لاشتمالهما على فصول وفوائد وأمثلة لا تجدها في المبيضة، وإن أدى ذلك إلى بعض التكرار.

سمَّى الشيخ مسودته الأولى "أصول التصحيح"، أما المسودة الثانية والمبيضة فلم يضع لهما عنوانًا، فسميتهما "أصول التصحيح العلمي". وقد آثر الشيخ "التصحيح العلمي" على مصطلح "التحقيق"، فقال في المبيضة: "اصطلح المصريون أخيرًا على تسمية التصحيح العلمي "تحقيقًا" تمييزًا له

طور بواسطة نورين ميديا © 2015