طريقة معينة في التصحيح العلمي والتصحيح المطبعي. فجرَّب الشيخ هذا العمل المؤسسي زمنًا طويلاً، وعرف مواطن الإصابة ومداخل الخلل في مراحله المختلفة، وخبَرَ أحوال المصححين من زملائه وغيرهم، ثم وقف على الطرق التي كان يسلكها أصحاب المطابع لنشر الكتب القديمة في مصر وغيرها. فعزم على تأليف رسالة جامعة في أصول هذه الصناعة، وبيان أسلم الطرق الضامنة لصحة المطبوعات وللربح المادي لناشريها أيضًا. ولا ريب أن هذه الصفات العلمية والعملية التي اجتمعت في شخصيته قد جعلته أحقَّ الناس بالتأليف في هذا الموضوع وأقدرَهم عليه.
وقد وجدنا في آثار الشيخ ثلاث رسائل إحداها مبيضة، والأخريان مسودتان. وافتتح مسودته الأولى بقوله: "فإني منذ بضع سنين مشتغل بتصحيح الكتب العلمية في مطبعة "دائرة المعارف العثمانية" وتبيَّن لي بعد الممارسة قيمة التصحيح العلمية والعملية، وما ينبغي للمصحح أن يتحقق به أولاً، ثم ما يلزمه أن يعمل به ثانيًا. ورأيت غالب الناس في غفلة عن ذلك أو بعضه. فمن لم يشتغل بقراءة الكتب العلمية ومقابلتها وتصحيحها يبخس التصحيح قيمته، ويظنه أمرًا هينًا لا أهمية له، ولا صعوبة فيه. ولما كان أكثر المتولين أمور المطابع من هذا القبيل عظمت المصيبة بذلك".
وقال في مقدمة مسودته الثانية: "فإني عنيت زمانًا بتصحيح الكتب وإعدادها للطبع، ثم بتصحيحها حال الطبع، فتبيَّن لي بطول الممارسة غالب ما يحتاج إليه في هذه الصناعة. وخبرتُ أحوال جماعة من المصححين، وتصفحت مع ذلك كثيرًا من الكتب التي تطبع في مصر وغيرها، وعرفت ما اعتمده مصححوها. ورأيت مع ذلك أن أكثر الناس متهاونون بهذه الصناعة،