فاحتشد لتحبير خطبه الأولى على هذا النمط. ومن مظاهر عنايته واحتفاله أنه في الخطبة الثالثة لجمادى الآخرة، وهي أقدم الخطب، ترك فراغًا بعد كل فاصلة.
وأحيانًا ينوِّع الفواصل بين فقرات الخطبة، وكذلك في داخل كل فقرة. فيأتي في فقرتين متواليتين بفاصلتين على حرف واحد، ثم خمس فواصل على حرف آخر، وفي الفقرة التي بعدها خمس فواصل كلها على حرف واحد. انظر مثلا الخطبة رقم (8).
وأحيانًا يبني فواصل الخطبة كلها على حرف واحد، كالخطبة (9) فإنها بنيت على حرف الدال، ومع ذلك ليست مملة، لأن الفواصل لا تأتي متقاربة، وقد يباعد بين فاصلتين بسجعات عديدة قصيرة. كقوله فيها:
"واعلموا أن الأعمال هي الجنة، فأكثروا أو أقلوا أو اتركوا، قبل انقطاع العمر وهجوم الصائد.
قبل مفاجأة الموت القاطع، والسم الناقع، والبلاء الصادع، للأقارب والأباعد.
قبل حلول التراب، وحلول الثواب والعقاب، وسؤال منكر ونكير، فتنبه يا راقد!
قبل البعث والنشور، ودعوى الويل والثبور، وبلوغ المواعد.
قبل نصب الميزان، وزفير النيران، ومناقشة الحساب بين يدي أبصرِ ناقد".
2) تمتاز هذه الخطب بحسن الديباجة، وجودة السبك، ونصاعة البيان.