[س 96/ أ] الأمر الثاني: أن يعدل به إلى أمرٍ آخر لا تصله يد المحاجِّ. ولا شك أن الأوَّل كان مقتضى الظاهر؛ ولكن عدل عنه الخليل عليه السلام لأنه أوَّلًا: يحتاج إلى إظهار خارق، وإظهار الخارق إنما يلجأ إليه الأنبياء عليهم السلام في الأمور التي لا يتيسَّر الاحتجاج عليها ببرهان عقليًّ؛ كإثبات رسالتهم.

والحِكم في ذلك كثيرة:

منها: أن الدليل العقليَّ أبعد عن الشبه التي يحتمل إثارتها على الخارق.

ومنها: أن في استنباط الحجَّة أجرًا عظيمًا للأنبياء، وليس كذلك الخارق؛ لأنه ليس من سعيهم.

ومنها: أن في المحاجَّة بالعقل [إرشادًا] لأتباع الأنبياء ممن [لا] تظهر على أيديهم الخوارق [أنَّ عدم] ذلك [أولى] (?). وقد أخرج ابن جرير عن مجاهد في قوله تعالى: {أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ} [البقرة: 258] قال: أقتل مَن شئت، وأستحيي مَن شئت أدَعه حيًّا فلا أقتله.

وأخرج نحوه عن قتادة والربيع والسُّدِّي وابن جريج وابن إسحاق.

وأخرج عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم قال: أنا أحيي وأميت، إن شئتُ قتلتك فأمتُّك، وإن شئت استحييتُك (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015