تمهيد
لا شكّ أن الله تعالى قد أبقى في العلماء في كل دهر بقيةً يبيّنون للناس دينَهم، ويحفظون أمر شريعته، ويكشفون ما أشكل على الناس منها، ويوضِّحون ما التبس من أحكامها، ويهدونهم إلي الصراط المستقيم، صراط الكتاب والسنة وسلف الأمة وأئمتها، ويردّون على أهل الضلال ضلالهم وعلى أهل الشُّبَه شُبَههم بأوضح الحجج وأجلاها.
وجعل الله تعالي في تلك الكوكبة من العلماء - كرمًا منه ومنّةً - مِن مَتانة الديانة، وجميل الأخلاق، والبعد عن زخارف الدنيا، ما أكسبهم جميلَ الذّكر. وجعل فيهم أيضًا من قوّة العلم والغوص على دقائق المعاني، وانكشاف الحقائق وحل المعضلات، ما مَهّد لهم القبول عند الناس، ليحصل كمال الانتفاع بعلومهم وديانتهم.
وإذا كنّا نعدُّ من هؤلاء العلماء المحققين في غابر الدهر العددَ الكثير والجم الغفير، فإنهم في العصور المتأخرة أقل من القليل، فإذا كانوا كذلك فواجبٌ على أهل العلم وطلبته، وأهل الإصلاح والتربية، وأهل البسطة في المال والسعة فيه أن يلتفتوا جميعًا لإحياء مآثر هؤلاء النفر من الأئمة والعلماء؛ وذلك بأنواع من الوسائل، كالتعريف بهم، وإبراز محاسنهم، وبثّ علومهم، والعناية بتراثهم، وتقريبه للناس، وتيسير الوصول إليه، وغير ذلك.
ومن هؤلاء العلماء المحققين في العصور المتأخرة: الشيخ الإِمام العلامة بقيّة السَّلَف عبد الرحمن بن يحيى المُعلِّمي العُتْمي اليماني، المولود سنة 1312 في اليمن، المتوفى سنة 1386 بمكة المكرمة رحمه الله تعالى.