وأما قوله: "نَرهَنُك اللأمة" فلا يخفى أن معناه: إن أعطيتنا التمر رهنَّاك، وقد علموا أن إعطاء التمر لن يكون.
وأما قصة الحجاج بن عِلاط الثابتة بالمسند، فقوله: "فإني أريد أن أشتري من غنائم محمَّد وأصحابه" لا مانع من صحته على ظاهره، وأنه كان يريد أن يشتري من الغنائم التي غنمها المسلمون من خيبر.
وقوله: "غنائم محمَّد وأصحابه" إنما يفهم منه أنهم غنموها, لا أن غيرهم غنمها منهم. تقول: هذه غنيمتي، فلا يفهم من هذا - حيث لا قرينة - إلا أنك غَنِمتَها، ولا يكاد يصح أن تقول ذلك وأنت تريد أنها التي غنمها غيرك منك.
ويوضحه: أنك إن قلت: "غنيمتي" بمعنى التي غنمها غيري مني، فالإضافة هنا لا تكون بمعنى "من"؛ لأن ذاك خاصٌّ بإضافة الشيء إلى جنسه، كقولك: "خاتمُ حديدٍ"، فإنما تكون الإضافة إذًا بمعنى "اللام"، كأنك قلت: "غنيمة لي"، وهذا لا يصح إلا على التجوز البعيد، بمعنى أنها قبل أن تغنم كانت مملوكة لي.
فإذ قد ثبت أن قوله: "غنائم محمَّد وأصحابه" إنما يُفهِم الأموال التي غنمها محمَّد وأصحابه، فنقول: إنه قد كان اشتهر في تلك المدة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج بأصحابه يقاتل أهل خيبر، فهذه قرينة أن المراد بقوله: "غنائم محمَّد وأصحابه" هي الأموال التي غنموها من خيبر. وكان أهل خيبر في حصونهم، فلن تُغنم أموالهم حتى يستباحوا.
فقوله: "أريد أن أشتري من غنائم محمَّد وأصحابه" يدل على أن أهل خيبر قد استبيحوا، وأصيبت [ص 77] أموالهم.