وفي "الصحيحين" (?) وغيرهما أنه بينا النبي - صلى الله عليه وسلم - يقسم مالاً إذ قام رجل ... بين عينيه أثر السجود، فقال: يا رسول الله، اتقِ الله. وفي روايةٍ: اعدِلْ يا رسول الله. وهناك روايات أخرى قريبة من ذلك. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ويلك! أوَ لستُ أحقَّ أهل الأرض أن يتقي الله؟ ". وفي رواية: "ويحك! ومن يَعدِل إذا لم أعدل؟ ". وهناك روايات أخرى قريبة من ذلك. فاستأذن عمر وخالد بن الوليد في قتله، فلم يأذن لهما - صلى الله عليه وسلم -، ثم قال: "إن له أصحابًا يَحْقِر أحدكم صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم، يَمرُقون من الدين كما يمرق السهمُ من الرميَّة" الحديث.

فهذا الرجل أسلم وقرأ القرآن، وأكثر من الصلاة، فتوهَّم أنه قد عرف كل شيء ولم تبق له حاجة في دينه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، بل يمكن عنده أن يقع الجور من النبي - صلى الله عليه وسلم -، فيكون له أن ينكر على النبي - صلى الله عليه وسلم -. فأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن ذاك الرجل أصل الخوارج، وصدق - صلى الله عليه وسلم -؛ فإن هذه النزغة هي التي استولت على الخوارج، فإنهم قرأوا القرآن، وأكثروا من الصلاة والصيام، فتوهموا (?) أنهم قد عرفوا كل شيء، وأنه لا حاجة بهم إلى عرض ما يفهمونه من القرآن على هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، وذلك أنه وقع في أنفسهم أن القرآن كلام الله عزَّ وجلَّ، وهو بلسان عربي مبين، وهم عربٌ خلَّص، فاستهواهم هذا حتى وقعوا فيما وقعوا فيه.

فمن ذلك: أنهم لما رأوا أمير المؤمنين عليًّا رضي الله عنه رضي بأن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015