الخامس: ما أُجمِع على صحته أو تُلُقَّي بالقبول أو أُجمِع على الحكم الذي يدلُّ عليه.
السادس: أن يخبر إنسان بخبرٍ بحضرة قومٍ لو صدَّقوه حصل العلم بصحة الخبر، ولكنهم سكتوا، ولا حاملَ لهم على السكوت عن تكذيبه لو كان كاذبًا.
السابع: بقاء الخبر مع توفُّر الدواعي على إبطاله.
ذكر المؤلف هذه الأنواع، ثم عقَّب على كلام الأصوليين فيها بما يوضّحه أو يقيّده أو ينقده. وقد فصَّل في موضوع الإجماع تفصيلاً حسنًا، وتكلم على حججه وأنواعه. وذكر عن الأمر السابع أن قاعدته واهية، لأن توفّر الدواعي على الإبطال وإن اقتضى أن تعِزّ رواية الخبر فلا يقتضي أن كلَّ خبر يُروى صحيحٌ، فضلاً عن أن يكون مقطوعًا به.
ثم عقد فصلاً في الكلام على قول جماعة من العلماء: إن أحاديث الصحيحين تفيد العلم لأنّها تُلقِّيت بالقبول، عدا أحاديث انتقدها عليهما بعض الحفَّاظ. وقد تحرر للمؤلف أن أحاديث "صحيح البخاري" على أربعة أضرب، وأن الضرب الأول منها هو الذي احتاط له البخاري، فهو الذي يصح أن يقال: إن أئمة الحديث الذين اطلعوا على الكتاب أجمعوا على صحته إلا ما انتقده بعضهم. وأما الباقي فغاية ما هناك أنهم أجمعوا على أنه صالح لموضعه الذي ذكر فيه، أعني المتابعات والشواهد وفضائل الأعمال والعواضد ونحوها. ويقاس عليه "صحيح مسلم".