الثاني تركّبُ حقيقةٍ لا يقول بها كلُّ من الإمامين ... ثم رأيت السبكي في الصلاة من "فتاويه" ذكر نحو ذلك مع زيادة بسط فيه، وتبعه عليه جمعٌ فقالوا: إنما يمتنع تقليد الغير بعد العمل في تلك الحادثة نفسها لا مثلها، أي خلافًا للجلال المحلي، كأن أفتى ببينونة زوجته في نحو تعليق، فنكح أختها، ثم أفتى بأن لا بينونة، فأراد أن يرجع للأولى ويُعرِض عن الثانية من غير إبانتها". ("التحفة" بهامش حواشي الشرواني ج 1 ص 48 - 49).
ومراده بقوله: "من غير إبانتها" أي من غير قطع زوجيتها، يريد أنه رجع للأولى وأعرض عن الثانية، مع عزمه أن يرجع لها عندما يريد، فإنه في هذه الصورة قد اعتقد أن كلتا الأختين زوجة له في وقتٍ واحد. وهذا مبيَّن في "النهاية" وحواشيها و"فتاوى الرملي" و"حواشي التحفة"، فلا نطيل بالنقل.
والحاصل أن المتزوج والبنت في مسألتنا إذا اتفقا على تقليد الشافعي لإبطال النكاح صحَّ، إذ لا تلفيق ههنا. فإما إذا انفرد أحدهما بإرادة التقليد ليبطل النكاح، فإن كانت الزوجة هي المريدة فليس لها ذلك، قياسًا على قولهم: "لو زوجه الحاكم مجهولة النسب ثم استلحقها أبوه ... وإن لم تكن بينة, وصدقته الزوجة فقط = لم ينفسخ النكاح لحقّ الزوج ... ". ("النهاية" ج 5 ص 207).
ويجري هذا التفصيل كله فيما إذا كان الزوج أو الأم أو أحدهما شافعيين والبنت حنفية تبعًا لأبيها، واتفق الزوج والأم عند العقد على تقليد أبي حنيفة رحمه الله تعالى. وكذا إذا كانت البنت شافعية تبعًا لأبيها، ولكن أفتى مفتٍ معتبر بجواز تزويجها تقليدًا لأبي حنيفة رحمه الله لمصلحة محققة لها، وتصير البنت حينئذٍ حنفيةً في هذه المسألة، فيطلب الحكم من