فإن قيل: لعلَّه ذكر الاستدلال الأول على سبيل الإلزام؛ أي: أنَّ المسبوق صحَّت ركعته ولم يقرأ الفاتحة، فيلزمكم معشرَ الشافعية أن تقولوا: إن الفاتحة ليست بركن؛ بدليل صحة ركعة المسبوق بدونها. وليس لكم أن تقولوا: يحمل الإمامُ الفاتحةَ عن المسبوق؛ لإنكم لا تقولون بأنَّ قراءة الإِمام قراءة للمأموم.
قلت: لو كان مراده هذا لما أردفه بالاستدلال الآخر؛ بل كان حق العبارة أن يقول: يلزمكم معشر الشافعية أحد أمرين: إما أنَّ الفاتحة ليست بركن، وإما أنَّ قراءة الإِمام قراءة للمأموم.
إذا تقرَّر هذا فمن قال من الشافعية: إنَّ من أدرك الركوع أدرك الركعة يختار الشق الثاني في هذه الصورة فقط، فيقول: قراءة الإِمام قراءة للمأموم الذي لم يدركه إلاّ في الركوع. فإن طُولِبَ بالفرق بين المسبوق وغيره فهذا من موضوع مسألة قراءة المأموم، وستأتي إن شاء الله تعالى.
[ص 26] (?) وذكر الشارح في باب ما جاء في القراءة خلف الإِمام حديث ابن أُكَيمة، ودلالته على النهي عن القراءة خلف الإِمام. ثم قال: (فثبت بحديث أبي هريرة النهي عن قراءة الفاتحة خلف الإِمام، وهو دليل على نسخ ركنيتها، وعلى هذا إجماع.
قال ابن قدامة في "المغني" (?): وأيضًا فإنه إجماع، قال أحمد: ما سمعنا أحدًا من أهل الإِسلام يقول: إنَّ الإِمام إذا جهر بالقراءة لا تجزئ