وقد صحَّ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان أولاً يشكُّ في ابن صيَّاد أهو الدجال أم لا (?).
فأقول: إنَّ العبادة الباطلة إنما يكون التلبُّس بها معصيةً إذا علم المتلبِّس بها أنها باطلة، ولم يتحقَّق هذا في المسيء صلاته؛ فلذلك أقرَّه النبي - صلى الله عليه وسلم - على التلبُّس بها، ثم بيَّن له بطلانها.
فالتقرير مجمل؛ لأنه يحتمل أن يكون لأنها صحيحة، ويحتمل أن يكون لما ذكرنا. وتأخير بيان مثل هذا جائز، والحجج عليه كثيرة، ولم يأت من نازع فيه بحجة.
وهكذا قوله - صلى الله عليه وسلم -: "صلَّ فإنك لم تصلِّ" مجمل؛ لأنه لم يبيَّن فيه وجه البطلان، ثم بيَّنه أخيرًا.
فإن قيل: فهلاَّ بيَّن له أوَّل مرَّة؟
قلت: في الأجوبة التي نقلها في "الفتح" (?): أجاب المازري بأنه أراد استدراجه بفعل ما يجهله مرَّات؛ لاحتمال أن يكون فعله ناسيًا أو غافلاً؛ فيتذكَّره فيفعله من غير تعليم، وليس ذلك من باب التقرير على الخطأ؛ بل من باب تحقُّق الخطأ.
وقال النووي (?) نحوه، قال: وإنما لم يعلَّمه أولاً ليكون أبلغ في تعريفه وتعريف غيره بصفة الصلاة المُجزِئة.